الخدمات الصحية.. مشاكل بالجملة وحلول مستعصية
محمد هاني الحمصي محمد هاني الحمصي

الخدمات الصحية.. مشاكل بالجملة وحلول مستعصية

لعل الصحة هي الشيء الأغلى الذي منحه الله عز وجل للإنسان، غير أن عدم النظر بعين الاهتمام والمسؤولية من  وزارة الصحة والتجاهل والإهمال واللامبالاة واضح على جميع الأصعدة وفي كل الخدمات بداية من المشافي والمستوصفات وصولاً إلى الأغذية الفاسدة.

فسوء التخزين وانتشار الأدوية المهربة والتلاعب بأسعارها يدل على أن الفوضى قد اجتاحت المستشفيات التي أصبحت بدورها أشبه بالأسواق، وبمكبات القمامة، حيث الأوساخ مفروشة على الأرض مثل البساط والعفن والرطوبة منتشرة على جميع الجدران، والمشاكل العويصة واضحة فيما يتعلق بالصرف الصحي وشبكة الانترنت والكهرباء والتدفئة والمياه ونقص الأسرة والحرامات والبطانيات والتي تعد أكبر ناقل للأمراض كونها تسلم في معظم الأحيان من مريض إلى آخر دون أن يتم غسيلها.

أما بالنسبة لغرف العناية المشددة فإن الأجهزة في أغلب المشافي مفقودة أو قديمة وخصوصاً مشفى المجتهد والمواساة فقد تم تركيب أحدثها منذ /7/ سنوات أو أكثر بشكل جزئي والأهم هو تأخرها من حيث النموذج /10/ سنوات أو أكثر.

يقول (ر.ح): كانت والدتي بمشفى المواساة في غرفة العناية المشددة وعندما شاهدت الطبيبة وضعها الصحي أخبرتني أنها بحاجة إلى جهاز هواء اصطناعي وهو غير موجود في المشفى وهي قامت بواجبها والجهاز غير موجود في المشفى والأعمار بيد الله في نهاية الأمر ليس بالإمكان علاجها إلا بمشفى خاص بوجود مضخات أوكسجين.

هذا بالإضافة إلى النقص الحاد في الكادر الطبي إلى جانب نقص الخبرة وسوء معاملة بعض الأطباء للمواطنين، ولا ننسى أن عدد المرضى لا يتناسب إطلاقاً مع عدد الأطباء الأخصائيين الموجودين في المشافي، وإذا كان الأطباء يشكون التعب والإرهاق فالمرضى يشكون سوء التنظيم في الدور والمحسوبيات ووصول البعض على حساب البعض الأخر بالإضافة إلى عدم وجود الأطباء المختصين المناوبين سواءً في المجتهد أو الكلية أو العيون.

هذا بغض النظر أن الكثير من المشافي تفتقد إلى العديد من التحاليل الطبية والتصوير الشعاعي كـ«الإيكو».

أما من جهة المستوصفات فهي ليست أفضل حالاً من المشافي، ففي ظل غياب الرقابة الدائم من وزارة الصحة والاستهتار وانعدام الإحساس بالمسؤولية، نجد الدوام غير منتظم معظم أيام الأسبوع وإذا وجدت الأدوات غاب الأطباء، فالتسيب واضح والرقابة من الجهات المعنية غير موجودة.

ومن جانب آخر تتجاهل وزارة الصحة ما يحدث في الأسواق من أمور خطيرة فهي تغض النظر عما يعرض من مواد ملوثة وفاسدة ومعلبات منتهية الصلاحية وزيوت مغشوشة ومنكهات محرمة دولياً وغير صالحة للاستخدام البشري وكأن موضوعة تحقيق السلامة الغذائية أصبحت أمراً لا يهمها، وظاهرة الغش الغذائي المرتبطة بصحة المواطن أصبحت ليست من اختصاصها، ولا يقف الأمر عند هذه الحدود فقد تجاوزت وزارة الصحة ذلك إلى تجاهل سوق الدواء حيث بلغت نسبة الدواء المهرب في سورية بين /20% ـ 30%/، وأصبحت تجارته رائجة بما أن مصادر هذه الأدوية غير معروفة فإن نسبة كبيرة تكون مزورة أو منتهية الصلاحية، وتقوم وزارة الصحة بمصادرة الدواء المزور وغير المسجل لديها وإتلافه مهما كان نوعه، إلا أن وجود الدواء الأجنبي في السوق ورواجه ووجود الراغبين فيه مهرباً أو نظامياً يؤكد أن علينا النظر بمفهوم الأمن الدوائي وطرق دخول هذا الدواء إلى البلد فالدواء المزور غالباً ما يوهم المريض بأنه الحل وأن مصدره فرنسي أو أمريكي، لكن في حقيقة الأمر هو مستحضر وهمي لا ينفع وقد يضر وهو طريقة فعالة للربح السريع والفاحش بالنسبة للصيدلي والغريب.

مما لا شك فيه أن الخدمات الصحية دون المستوى وأن وزارة الصحة عاجزة حتى الآن عن أداء دورها الرقابي والخدمي بالكفاءة  المطلوبة فما لمسناه من المشاكل الحقيقية والتي تعاني منها وزارة الصحة هو وجود الضعف العام المقصود أو غير المقصود في متابعة ومراقبة المشافي والخدمات الصحية العامة وأمور المواد الغذائية وجودتها وتحديد فعالية الدواء وأسعاره بالشكل المطلوب.