الجسر المعلق يسقط شهيداً!؟

الجسر المعلق يسقط شهيداً!؟

تشهد محافظة دير الزور تصعيداً جديداً، بعد شهرٍ ونيّف من الهدوء والاستقرار النسبي وعودة قسمٍ من المواطنين إلى أحيائهم ومدنهم وقراهم، مما فاقم معاناة المواطنين من جديد من جميع النواحي الأمنية والاقتصادية بينما قوى القمع والفساد وقوى العنف والظلام وتجار الأزمات تراكم الأموال وتمارس كل الموبقات من السرقة والنهب والقتل والتدمير والتخريب.. حيث ما زال الطرفان يتعاملان وفق الفعل وردّ الفعل...

مدينة دير الزور:

شهدت المدينة تضاعف المعاناة وخاصةً بعد عودة أبنائها المهجرين بعد اجتياح مدينة الرقة حيث بات يسكن في كل بيت من بيوت الحيين الآمنين الجورة والقصور عدة عائلات رغم فتح العديد من المدارس لإيوائهم وتاه المواطنون بين من يريد من الشرفاء إعادتهم إلى أحيائهم وبيوتهم  والحصول ولو على شيء بسيطٍ مما بقي من أثاثهم موجوداً وسليماً حتى ولو كانت مدمرة وبين من يمنع عودتهم إلاّ من ممراتٍ يحددها هو .. والتصعيد الذي طال بقية الأحياء كالمطار القديم والصناعة مما عرضها للتدمير بحجة التحرير والتطهير.. ناهيك عن معاناتهم الأخرى من مستلزمات الحياة البسيطة من الغذاء والكهرباء والماء التي تكفل لهم البقاء والوجود على الأقل..

الجسر المعلق يسقط شهيداً:

 سقط الجسر المعلق الذي بني بأموال وجهود أبناء الوطن.. والذي تحول إلى رمزٍ للمحبة والفرح والولادة حيث أصبح ملتقىً للعشاق ولابد أن يمشي عليه العرسان في ليلة فرحهما وتقطعه المرأة الفراتية الحامل مستبشرةً بولادة حياةٍ جديدة كأنها عشتار آلهة الخصب تبعث الوجود والحياة من جديد...

ريف دير الزور:

شهد الريف وخصوصاً الشرقي تصعيداً من الطرفين بحجة تحرير المطار من جهة ومنع تغلغل المسلحين من جهةٍ أخرى مما زاد معاناة الأهالي، وتزداد هذه المعاناة خطورة في طرق المواصلات وارتفاع أسعار النقل سواء داخل المحافظة أو مع المحافظات الأخرى.. كما جرى التراجع عن كثيرٍ من الخطوات الإيجابية التي تحققت بجهود الشرفاء من خدماتٍ وخاصةً الأمان وعمل الأفران كما في موحسن رغم تشكيل مكتب محلي الذي لا يستطيع التأثير على المسلحين والذي يعارض بقاء الكثير من السكان بعد عودتهم إلى منازلهم وباتوا يريدون الحل السياسي.. فقد خرجوا منها مرةً أخرى نتيجة التصعيد الجديد..

وازدادت هيمنة المسلحين المتطرفين في مدينة الميادين التي أصبحت هي مركز المحافظة، وشكلوا ما يسمى محكمةٍ شرعية، ورفعوا علمهم.. كما يتم نهب النفط والغاز في ريفها ويجري صراع حوله بين المسلحين  وفي حالات عديدة تتحول إلى خلافاتٍ عشائرية سببت العديد من القتلى وتحول المتاجرون به إلى أغنياء فاحشي الثراء.. وحسب ما يشاع تستعد جهات عديدة لنقله إلى تركيا وبيعه هناك.

أمّا الريف الغربي فهو عرضةً  للقصف من قوى القمع والفساد التي تريد فرض هيمنتها ولقوى العنف التي تريد ممارسة نهبها بالسيطرة على منجم الملح في التبني مما دفع الأهالي للتصدي لهم وخاصةً في قرية المسرب الذين أصبحوا مطلوبين على حواجز المسلحين.. كما هم مطلوبون على الحواجز الأمنية..هذه الوقائع على مختلف جوانب حياة المواطن، وعلى مختلف أوجه النشاط الاقتصادي.

الزراعة والثروة الحيوانية:

  لاتتجاوز المساحة المزروعة المروية في موسم القمح  15%  من المساحة الفعلية، بسبب الوضع الأمني وعدا عن ذلك  فإن صعوبات عديدة مثل ارتفاع تكاليف الحصاد والنقل وصعوبة التسويق والخوف من احتراق البيادر ونهبها يقلق المنتجين،  لذا يناشد الفلاحون الشرفاء بالمحافظة على إنتاج هذا العام ومنع بيعه للتجار وتهريبه إلى تركيا لأهميته في أمن الوطن الغذائي..

أما بالنسبة لمحصول القطن فيعاني من تبقى من الفلاحين من عدم توفر البذار وارتفاع أسعار السماد حيث وصل سعر طن السماد إلى 40 ألف هذا إن وجد كما يتخوفون من تهدم سواقي الري المستمر نتيجة القصف أو التخريب المتعمد لذا يطالبون بحمايتها..

أمّا الثروة الحيوانية فلم يبق منها إلاّ القليل بسبب عدم توفر العلف الذي باعه المهيمنون والمسلحون، فالأبقار نفقت أو قتلت والأغنام بيعت بأسعار زهيدة لعجز المربين عن رعايتها وتأمين علفها..

المواد الغذائية:

يعتبر تأمين الخبز المعاناة الأساسية للمواطنين، فأغلب أفران الريف لا تعمل وما يعمل منها يعاني من نقص مادة الطحين  ويصادره المسلحون على الطرقات كما حدث منذ أيامٍ حيث تم السطو على خمس سيارات ومن ثم يسرق الفاسدون في لجان التوزيع قسماً آخر وما تبقى يباع بأسعارٍ عالية أمّا بقية المواد الغذائية الضرورية فأسعارها خيالية فالخضار نادرة بسبب عدم زراعتها لأنها تحتاج إلى ري دائم ومتواصل وهذا غير متوفر وبعض المنتج المحلي في موسمه كالفول الأخضر يباع رخيصاً بعشر ليرات لعدم إمكانية تسويقه وهذا ما يعتبر ضرراً آخر يلحق بالفلاح  الذي بذل مالاً وجهداً كبيراً لإنتاجه.. وتباع في الأسواق المواد المهربة من تركيا أو التي توزع كمساعدات من المتاجرين باللاجئين

الخدمات والتعليم:

بات انقطاع التيار الكهربائي المستمر، وربما لأيام أمرأً عادياً وهذا ما ينعكس على توفر المياه في محطات الضخ، ووسائل الاتصال وخاصةً عندما تكون هناك اشتباكاتٍ أو قصفٍ فالطرفان يعملان على قطعها والمدارس أغلبها مغلق منذ عامين والتي فتحت بجهود الشرفاء غير مستقرة وخطورة توقف المدارس تكون بتجهيل الأطفال وعودة الأمية وحرمان الشباب من إكمال تعليمهم واضطرارهم للالتحاق بالمسلحين للحصول على مبالغ ولو زهيدة لذا يطالب الأهالي بعودة المدارس بشتى السبل، كما أن أغلب الخدمات الصحية خارج التغطية..

الفوضى الخلاّقة:

يشكل غياب مؤسسات الدولة حالةً من الفوضى العارمة والتي يستفيد منها المسلحون وتجار الأزمات حيث دخلت مئات السيارات والآليات من ألمانية عبر تركيا وتباع دون نمر فالفان المرسيدس بـ 500 ألف والشاحنة بمليون وتستخدم في نقل المنهوبات التي يسمونها غنائم حرب وفي المتاجرة بقوت الشعب.. وقد أكد أحد المواطنين أن إحدى السيارات كتب عليها حركة طالبان..!؟ كما أن المسلحين المتشددين والظلاميين الذين يرفضون الحل السياسي والحوار وفق أجنداتهم وارتباطاتهم الخارجية يمنعون المسلحين الآخرين من ذلك إمّا بضخ الأموال أو التهديد.. وهذا يتلاقى مع ما تمارسه قوى القمع والفساد التي ترفض فتح قنواتٍ معهم، وفقدوا الثقة بها حيث يجري التلاعب بالعفو، وأصبح مصدر نهبٍ وفساد..

وأخيراً رغم كلّ هذه المعاناة لأهالي محافظة دير الزور وكل القتل المتعمد أو غير المتعمد وكلّ التدمير للأملاك العامة والخاصة ومنازلهم وحقولهم إلاّ أنّ الكثيرين يرفضون قوى القمع والعنف معاً ويطالبون بالتهدئة وخاصةً القصف العشوائي ليتاح لهم منع المسلحين ومواجهتهم وباتوا يريدون الخلاص ويعلقون الآمال على الشرفاء من السياسيين والمسؤولين  بضرب قوى الفساد والعنف لإنقاذ سورية والمحافظة على وجودها وإعادة بنائها