طلاب الجامعة في جرمانا ومعاناة النقل اليومية
يوسف البني يوسف البني

طلاب الجامعة في جرمانا ومعاناة النقل اليومية

معاناة يومية تصل حد المأساة يعيشها ليس فقط طلاب الجامعات المقيمين في جرمانا والذين يقدر عددهم بالآلاف، بل وكل الموظفين والمواطنين الذين لهم شؤونهم الخاصة في مركز مدينة دمشق. معاناة في الحصول على وسيلة نقل توصل الطلاب إلى مركز المدينة حيث كلياتهم، والموظفين إلى أماكن عملهم. وللعلم فإن معظم سرافيس خطوط النقل الثلاثة في جرمانا (باب توما ـ كراج الست ـ كراجات البولمان) تخرج عن الخط وخدمة الركاب، لتقوم بنقل طلاب المدارس الخاصة في بداية الدوام ونهايته، فإن الهم الأكبر الذي يعانيه الركاب هو استخدام ثلاثة سرافيس للوصول إلى مركز المدينة، طبعاً إذا وجدت سرفيساً خلال ساعة من الانتظار.

فالطالب الجامعي أو الموظف يضطر إلى أن يستقل سرفيساً من جرمانا إلى منطقة الصناعة (كراج السيدة زينب) ومن هناك يجب أن يستقل باص النقل الداخلي (الدوار الجنوبي) ليصل إلى ساحة الجمارك أو كليات الآداب والطب والصيدلة، هذا أيضاً تحت الاحتمال الضعيف جداً أن يأتي باص الدوار الجنوبي، لأن هذه الباصات قد خرجت من الخدمة من حوالي الثمانية أشهر لتأدية مهمة ليست مهمتها تحت أمر جهة معينة، ولعدم وجود باص الدوار الجنوبي سيضطر الراكب لاستقلال سرفيس (مهاجرين ـ صناعة)حتى منطقة البرامكة ـ جسر الرئيس، فبعضهم يكون قد بلغ مقصده، والبعض الآخر مضطر لاستقلال سرفيس المعضمية أو قطنا أو غيرها على الخط نفسه للوصول إلى كلية الآداب وجوارها.

هذه المعضلة نشأت بفعل فاعل وبشكل مقصود، وبهدف إجبار الركاب على استخدام باصات الشركات الخاصة العاملة على خطوط النقل الداخلي، ومن الممكن أن يكون صاحب القرار شريكاً أو مالكاً لإحداها، ففي شهر أيار من العام الماضي 2010، وبناء على قرارات الجهات المسؤولة، تم نقل نقطة انطلاق وانتهاء السرافيس الواصلة إلى البرامكة من جرمانا والمليحة إلى منطقة الفحامة، ثم بعد ذلك تم تحديد خط سرفيس جرمانا لينتهي عند المنطقة الصناعية (كراج السيدة زينب) بعد أن كان يوصل الركاب إلى منطقة الفحامة ـ سكة القطار القديمة، وكانت الأمور أسهل من الآن بكثير على الموظفين وطلاب الجامعات، فبالإضافة إلى توتير الأعصاب عند الانتظار، والانتقال من سرفيس إلى آخر،ثلاث مرات ذهاباً ومثلها إياباً، وقتل وقت المواطن بعيداً عن كل الحسابات والاعتبارات، فإن هناك عبئاً مادياً كبيراً يتكلفه المواطن على أجور النقل، حيث يدفع ثلاثين ليرة سورية ذهاباً ومثلها إياباً، أي 60 ليرة سورية يومياً أجرة سرفيس فقط.

هذه المشاكل يعانيها ركاب جرمانا فقط، بينما بقيت سرافيس المليحة توصل ركابها إلى منطقة الفحامة، ومازالت الأمور تخضع للكيل بمكيالين، علماً أن جرمانا والمليحة يجب أن ينطبق عليهما النظام نفسه والقرار نفسه، فهما على البعد نفسه من المدينة، وتابعتان لريف دمشق، فلماذا يُحرَم ركاب جرمانا من الخدمة الأفضل والوصول إلى منطقة الفحامة أسوة بركاب المليحة، وحلاً لجزء من هموم المواطن ومشاكله؟!

إلى متى ستبقى القرارات الاقتصادية ذات المحتوى الاجتماعي خاضعة للأهواء وتحابي التجار والمتنفذين وحيتان المال، وغير مستندة إلى دراسات ذات جدوى اجتماعية واقتصادية؟! وهل من المنطق حل المشكلة البيئية وأزمة المرور بخلق أزمات جديدة ومشكلات اقتصادية واجتماعية؟ أم أنه كرمى لعيون التجار تهون كل الأزمات؟!!

يجب إعادة النظر بمتطلبات الخدمة المثلى للمواطن، واتخاذ قرار مدروس لما يحقق الحاجات الضرورية للمواطنين حتى ولو بحدها الأدنى، أو على الأقل إعادة الموقف الأخير لسرافيس (جرمانا ـ برامكة) إلى منطقة الفحّامة عند السكة القديمة للقطارات، فهذا المكان يحقق كلتا الحاجتين معاً: يوصل المواطن لأقرب نقطة من مقصده في الوصول إلى مفاصل المدينة المختلفة، ويخفف الأعباء المادية وهموم المعيشة اليومية، والأمر الأهم أنه كان لا يشكل عبئاً أو ضغطاً على حركة المرور في مسار السرفيس القديم.