لا يموت حق : الجريمة السياسية

لا يموت حق : الجريمة السياسية

تطرق قانون العقوبات السوري رقم 148 لعام 1949 والمعمول به في الوقت الحالي إلى الجريمة السياسية وأفرد لها نصوصاً تعريفية لماهية الجرم السياسي المرتكب من الفاعل والعقوبات المقررة على مرتكبي الفعل الذي يشكل جرماً سياسياً وفق القانون

حيث نصت المادة 195على مايلي:  

1ــ الجرائم السياسية هي الجرائم المقصودة التي أقدم عليها الفاعل بدافع سياسي.

2ـ وهي كذلك الجرائم الواقعة على الحقوق السياسية العامة والفردية ما لم يكن الفاعل قد انقاد لدافع أناني دنيء.

واعتبر قانون العقوبات أن الجرائم التي تدخل وتعد في نطاق الجرائم السياسية هي الجرائم المركبة أو الملازمة لجرائم سياسية ما لم تكن من أشد الجنايات خطورة من حيث الأخلاق والحق العام  كالقتل و الجرح الجسيم والاعتداء على الأملاك إحراقا أو نسفا أو إغراقا والسرقات الجسيمة ولاسيما ما ارتكب منها بالسلاح والعنف وكذلك الشروع في تلك الجنايات.

أما في الحرب الأهلية أو العصيان فلا تعد الجرائم المركبة أو المتلازمة سياسية إلا إذا كانت عادات الحرب لا تمنعها ولم تكن من أعمال البربرية أو التخريب، المادة 196

وفي حال تبين للقاضي الناظر بالدعوى بموجب أدلة وبراهين لا تقبل الشك على المطلق  أن للجريمة طابعاً سياسياً قضى بالعقوبات التالية:

ـ الاعتقال المؤبد بدلاً من الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة.

ـ الاعتقال المؤقت أو الإبعاد أو الإقامة الجبرية الجنائية أو التجريد المدني بدلاً من الأشغال الشاقة المؤقتة.

0ولكن هذه الأحكام لا تطبق على الجرائم الواقعة على أمن الدولة الخارجي.

أما إذا تحقق القاضي أن الجريمة المعاقب عليها بعقوبة سياسية قد ارتكبت بدافع أناني دنيء أبدل من العقوبة المنصوص عليها قانونا العقوبة التي تقابلها أعلاه.

على أن الاعتقال المؤبد لا يمكن تحويله إلى غير أشغال شاقة مؤبدة.

وتقضي معظم الاتفاقيات الخاصة بالتعاون القضائي وتسليم المجرمين الإقليمية منها والدولية على عدم السماح بتسليم المجرمين في حال كانت الجريمة معتبرة في نظر الدولة المطلوب إليها التسليم جريمة سياسية أو مرتبطة بجريمة سياسية ولا تعتبر من الجرائم السياسية الجرائم التالية:

جرائم التعدي على رئيس الدولة أو أحد أفراد عائلته أو الشروع فيها ويقصد بأفراد العائلة الأصول والفروع والأزواج. وأيضاً جرائم القتل والسرقة المصحوبة بإكراه والواقعة ضد الأفراد أو الجرائم على الأموال العامة أو على وسائل النقل والمواصلات وتدخل هذه كلها ضمن تصنيف الجرائم العادية بحسب وصفها القانوني بين جنحة وجناية.

كما نصت اتفاقية الأمم المتحدة لسنة2000 الخاصة بمكافحة الجريمة المنظمة في المادة 16 منها بما يتعلق بتسليم المجرمين الفقرة 14: «لا يجوز تفسير أي حكم في هذه الاتفاقية على أنه يفرض التزاماً بالتسليم إذا كان لدى الدولة الطرف متلقية الطلب دواع وجيهة بأن الطلب قدم بغرض ملاحقة أو معاقبة شخص بسبب نوع جنسه أو عرقه أو ديانته أو أصله العرقي أو آرائه السياسية أو أن الامتثال للطلب سيلحق ضرراً بوضعية ذلك الشخص لأي سبب من تلك الأسباب».

إذاً في الجريمة السياسية يجب البحث فيها كأي فعل جرمي عن الركن المادي للجريمة والركن المعنوي وإيجاد العلاقة السببية بينهما دون إغفال الدافع لارتكاب الجريمة وعادة يكون الدافع في الجرائم السياسية دافع نبيل ,فكراً يؤمن به الشخص إيماناً ثابتاً راسخاً لا يتزحزح يدفعه ليأخذ قراره بتنفيذ فعل يحقق الأفكار من خلاله إلى واقع يسعى إليه، هذا طبعاً من وجهة نظر القانون الوضعي والمفروض أن تطبيقه واجب دستوري على الدولة لهكذا (جرائم)...!!!.

وأخيراً:

يبدو أن الجريمة السياسية تعتبر أحد أكثر أنواع الجرائم غموضاً والتباساً على الجماهير مثلاً الضابط الذي يطلق النار لكي يحمي سجناً مكلفاً بحراسته,لم يرتكب جرماً في الحقيقة لأن القانون يعطيه هذا الحق و مهام وظيفته تجبره في كثير من الأحيان على مثل هذا التصرف ويبدو هذا تصرفاً مقبولاً في حالات الاستقرار حتى وإن كان استقراراً قمعياً....

وفي الحقيقة أن القوانين تقر في مجلس الشعب من خلال نواب عن الشعب والأساس أن وضع القوانين هو حق الشعب وحده ولكن لصعوبة جمع جماهير الشعب (واعتبارات أخرى) لا يشارك الشعب بشكل مباشر في وضع القوانين ولكنه..... والشهادة لله... يظل يحتفظ بهذا الحق الدستوري!!!.

ومع عدم مشاركة الشعب بوضع القوانين التي سيحاكم بموجبها نخشى ما نخشاه ....أن تستبعد إرادة الشعب من التقنين وهنا.... تبدأ فكرة الجرم السياسي .. وهي تزوير إرادة الجماهير.