فشل في إدارة الأزمات وشلل نصفي للقطاعات الحيوية

فشل في إدارة الأزمات وشلل نصفي للقطاعات الحيوية

خلّفت الأزمة التي تشهدها البلاد الكثير من الفجوات والمشاكل على السوريين في شتى القطاعات، وها نحن بحاجة لسنوات لكي نرجع الأوضاع إلى ما كانت عليه على الأقل، فالأضرار جسيمة وغاية في المأساوية، ولا يوجد مواطن لم يتأثر منها والمتضرر الأكبر الذي يحتل المركز الأول هو الوطن وهيكلياته  ومن ثم المؤسسات وقطاعات الأعمال بالدرجة الثانية،

وتأتي هذه المشاكل إما كنتاج للعقوبات المفروضة على سورية، وإما نتائج للأخطاء التي تتصرف بها الأجهزة المعنية، أو تراكمات اجتماعية خلفتها القوانين الهزيلة والتي لا تراعي الأزمات، حيث أن الكثير من الشعب خسروا أعمالهم ومنهم من فقد حياته وتيتمت أسرته ومنهم من فقد مأواه هذا بالإضافة إلى تضرر الكثير من المنشآت الصناعية والزراعية وخطوط نقل وآلياته، وهنا نلخص أثر الأزمة على الواقع  ونرصد أبرز الانعكاسات الحاصلة على أهم القطاعات.

ففي قطاع السياحة تعيش سياحة سورية مرحلة التدهور، وهي الأسوأ على الإطلاق في ظل الأزمة الراهنة، وتعد خسائرها من أكبر الخسائر التي تشهدها القطاعات الخدمية والأكثر تأثراً بالعقوبات، فمن توقف الفنادق إلى توقف البرامج السياحية ومروراً بتضرر بعض الأماكن الأثرية والاعتداء على المتاحف والقلاع باتت السياحة السورية بمأزق لا تحسد عليه، والجدير بالذكر أن أغلب عمال هذا القطاع باتوا خارج الخدمة ومفصولين عن العمل ولا حماية لهم بعد أن كان هذا القطاع يدر الأرباح الطائلة، وهنا السؤال هو: أين أموال هذا القطاع الذي كان يمتاز بالكثير من العطايا، وأين الذين كانوا مصرين على أن السياحة قاطرة النمو؟ ونذكر بأن عائدات قطاع السياحة كانت تشكل في عام 2011 (%12) من الناتج المحلي الإجمالي مع عائدات قدرها 6,5 مليار دولار.                              

أمّا في قطاع الصحة فقد باتت الخدمات الصحية تعاني من شح في الأدوات الطبية والأدوية والعاملين فيها، بعد تعرضها للانتهاكات على أيدي المارقين والخارجين عن القوانين، وأصبح المواطن شبه محروم من الخدمات الصحية كون هذا القطاع كان يعتمد على الموازنة العامة، وأن تقلب الدولار أرهق معامل صناعة الأدوية التي تعتمد على استيراد المواد الأولية وأثرت بشكل مباشرعلى إنتاجها، مما أسفر عن توقف الكثير من المستحضرات الطبية وصرف بعض المعامل للعاملين لديها أو أعتمدت على تخفيض الرواتب لتستمر في العمل، والسؤال هنا: طالما أن سعر الدولار في المصرف المركزي مستقر لم لا يتم استيراد هذه المواد عن طريقه في تحويل الأموال؟

ومن ناحية الاقتصاد فإن موجة الاحتجاجات التي تشهدها البلاد أتعبت الاقتصاد السوري وأنهكته في ظل عمل الدول الغربية وأمريكا على زيادة الضغط من خلال فرضها مزيداً من العقوبات على مؤسسات الدولة، وخصوصاً محاصرة قطاع النفط والتضييق على مصرف سورية المركزي من خلال العقوبات التي تؤثر على المواطن بالدرجة الأولى، وجاء رد الحكومة عند فرض العقوبات وفي البداية بتسخيفها إلى أن بتنا نرى أثرها على السوق والحاجيات الأساسية وعلى عاملينا وقالت وقتها بأنها ستوقف التعامل بالدولار، ومن ثم التحول إلى عملة بديلة كاليورو أو الروبل الروسي او اليوان الصيني، وظلت لفترات طويلة تصرح بأن الليرة السورية لم تتأثر في حين نرى ارتفاع سعر الدولار وصل إلى مايقارب الــ (100) ليرة في بعض الأحيان، ومن ثم تصريحات المسؤولين التي لم تعترف بالغلاء الحاصل، وإن اعترفت ترم اللائمة على إحتكار التجار، وأن الجهات المختصة تضبط السوق في حين بلغ كيلو السكر في فترات مرت إلى عتبات الـ(100) ليرة، ولم نر أي تقرير رسمي صادر عن وزارة التجارة والاقتصاد يبرر بمنطقية هذا التذبذب الحاصل، واكتفت بالتصريحات المتضاربة وكل مسؤول يصرح على هواه والحياة طبيعية ولا شيء يعكر صفو السوريين، وكأن المواطنين يعيشون في كوكب آخر غير مرئي بالنسبة للمسؤولين، والملاحظ في الاقتصاد السوري تراجع حجم الاستثمارات، وهذا دليل على عجز الاقتصاد، وتدني مردوداته حيث بلغت نسبة التراجع في الاستثمارات (47.84 %) في النصف الأول فقط من عام 2011 مقارنة مع الفترة نفسها من عام 2010 بحسب الأرقام الرسمية، تراجعت سوق الأوراق المالية بنسبة (%40) كما أن الاستهلاك هو محرك النمو وهو شبه معدوم حيث تخلو متاجر الملابس والالكترونيات من المشترين بشكل ملحوظ، وانخفضت الواردات بنسبة (%50) وخاصة السيارات حيث استوردت سورية في أيار 2011 (2000) سيارة مقارنة بـ (20) ألف في آذار 2010.