مدارس ريف دمشق في ظل الأزمة خوف مطعّم بالقلق من امتحانات لن تكون منصفة!
شهدت معظم مناطق ريف دمشق منذ بداية العام الدراسي الحالي حالات انقطاع للعديد من التلاميذ عن المدارس، وانتشرت الفوضى في الكثير منها، حيث لم تتجاوز نسبة الدوام في العديد من مدارس الريف %60،
ويقول أحد المدرسين في الغوطة الشرقية: «إن خوف الأهالي وقلقهم، والهاجس الأمني، يلعب دوراً كبيراً في عملية الغياب، فضلاً عن انصراف الكثير من الطلاب في وقت مبكر وقبل نهاية الدوام الرسمي، وهذا يرجع إلى تداعيات الأحداث الأمنية وعواقبها، وقلق الطلاب من رجال الأمن، وخاصة خلال طريق الذهاب أو العودة من المنزل».. ويتابع في حديث مقتضب لـ«قاسيون»: «إن ما يثير الدهشة حقاً أنه كيف يمكن لنا نحن المعلمين أن ننصح الطلاب بضرورة الالتزام بالدوام ونحن بالأصل نعاني من المشكلة نفسها، إذ لا يقل خوف المدرس منا، ولا قلقه إزاء الظروف الأمنية المحيطة».
من المعروف أن كثيراً من المدارس في ريف دمشق وثانوية الغوطة الشرقية في كفر بطنا تحديداً تم إغلاقها لمدة ثلاثة أسابيع، بل وتم اقتحامها لأكثر من مرة من مسلحين محسوبين على المعارضة ينادون بإسقاط النظام، وتم تهديد المدير لأكثر من مرة.. كذلك كان رجال الأمن يدخلون المدرسة باستمرار ويهددون المعلمين والطلاب مستخدمين أسلوب العنف والقوة كالعادة، وقاموا عدة مرات بضرب الطلاب والتنكيل بهم وتهديدهم بما هو أسوأ في حال فكروا بالتظاهر، ولم يسمحوا لهم بدخول المدرسة في كثير من الأحيان، وقاموا كذلك بتهديدهم بإطلاق النار عليهم واعتقالهم في حالة خروجهم بالمظاهرات لإشاعة الخوف إلى حدوده القصوى في قلوبهم، وهذا ما انعكس سلبياً على واقع التحصيل العلمي والحالة النفسية للطلاب بشكل عام.
يقول أحد طلاب ثانوية الغوطة الشرقية في كفربطنا: «لقد كانت حالات الغياب كبيرة سواء من الطلاب أو من المدرسين، والكثير من الطلاب ترك المدرسة وتخلى عن الدراسة في الظروف الحاصلة، وكان الدوام غير المنتظم سيد الموقف خلال العام كله، وقد تم إغلاق المدرسة لمدة ثلاثة أسابيع متواصلة في فترة الأزمة التي عاشتها منطقة كفر بطنا، خاصةً عندما بدأ الأمن بالدخول إليها، ناهيك عن وجود الحاجز الأمني بالقرب من المدرسة وتواجد القناصة على سطحها، إضافةً إلى الضرب المستمر لنا من المدير لخروجنا بالمظاهرات والتي كانت تغضب رجال الأمن في الكثير من الأحيان»..
أما في مدرسة حمورية وثانوية سقبا للبنين، فقد انتشرت ظاهرة تسرب الطلبة من المدارس على مرأى من الأساتذة والإدارة الذين تجاهلوا ما تعانيه أسر هؤلاء التلاميذ المتسربين في سبيل تعليمهم، وخصوصاً أن أغلب حالات التسرب من المدارس تحصل دون معرفة الأهالي كما يقول طلاب مدرسة حمورية الثانية..
آثار الأزمة على الطلاب
لقد تأثر الكثير من الطلاب بالأزمة، وانقطع العديد منهم عن الدوام في المدارس، وتجاوزت نسبة الغياب في الغوطة الشرقية %30 إضافة إلى تعرض الطلاب إلى صدمات نفسية واضطربات قاسية على الصعيد النفسي تسببت لهم بفقدان الحماس والرغبة بالتعلم وغياب الطموح، فالعديد من الطلاب أصبح يعاني من اضطربات نفسية كثير منها ما يصل إلى درجة كبيرة تسمى بعلم النفس، حسب رأي الاختصاصيين (الشدة بعد الرضاء)، والتي غالباً ما تنشأ نتيجة عدم شعور الطلاب بالأمان نتيجة وجود الخطر في محيطه، وهو في حالتنا الحواجز الأمنية القريبة من أبواب المدرسة، يرافقها انتشار رجال الأمن بكثرة في الطرقات، وسوء الظروف الأمنية بشكل عام، ما يحدث آثار نفسية وتربوية كبيرة على العملية التعليمية خصوصاً عند الأطفال صغار السن.
وعلى الرغم من تأكيد وزارة التربية وحرصها على زرع الطمأنينة في نفوس الطلاب، وأنها ستعمل جهدها لتهيئة الظروف لتمكينهم من تقديم امتحانات مثالية ونموذجية في أجواء مناسبة ومريحة، وتأمين جميع المستلزمات الواجبة لمختلف المراكز الامتحانية، وذلك لضمان أن تكون العملية الامتحانية نزيهة وتفضي لنتائج منصفة بعد الامتحان، غير أن الظروف الصعبة والأجواء السيئة التي تمر بها البلاد، والأزمة الحالية جعلت من هذه الامتحانات كابوساً حقيقياً على الطلاب في الكثير من المناطق، حيث يسود القلق الأمني والتوتر النفسي والترقب والانتظار ضمن ظروف خدمية وتدريسية صعبة، خصوصاً لطلاب الشهادتين الإعدادية والثانوية.
والسؤال المهم هنا والذي يسأله الكثير من الناس والطلاب: كيف ستكون الامتحانات هذا العام؟ وهل هذا صحيح أنها ستجري في وقتها المحدد؟ وما هي طبيعة الأسئلة؟.
وفي واقع الأمر هناك الكثير من المناطق في سورية لم تشهد أي حدث يذكر، بينما ذاق المئات من الطلاب في المناطق الساخنة الويلات من ذهابهم وعودتهم من المدارس، وغداً عند الامتحانات تأتي الأسئلة موحدة لجميع المحافظات ويستوي منهم في هذه المناطق مع المناطق الهادئة، ولا مجال للمقارنة طبعاً بين من يده في الماء ومن يده في النار.
وفي هذا يقول سامر من طلاب الغوطة الشرقية: «بعد التوترات والانقطاعات التي شهدتها المدارس في مناطق دوما والغوطة الشرقية والمناطق الساخنة كحمص وحماة، هل سوف تتم مراعاة الظروف السيئة التي عايشها طلاب هذه المناطق؟ هل الطالب الذي كان يدرس بانتظام مثل الطالب الذي لم يكمل المنهاج؟ هل ستتذكر التربية الوضع السيئ والصعب للكهرباء وانقطاعها الدائم بشكل متواصل؟ باختصار هل ستتذكر الواضع الدراسي السيئ جداً في مدارسنا وإغلاق المدارس المستمر وغياب المدرسين؟ أرجو من وزارة التربية أخذ كل هذه الأمور بعين الاعتبار.