حمص.. بين الحصار والمزايدة!
كثيرة هي المدن والبلدات والأحياء المحاصرة في سورية.. وبعضها تجاوز السنة وقد وصل الأمر في بعضها إلى الموت جوعاً. وأصبح المواطنون المدنيون رهائن لصراع مستمر على أساس الثنائية الوهمية «معارضة/نظام».. بين ذبيحة وشبيحة وأحياناً بتوافق بين من يدعي تمثيل هذا الطرف أو ذاك..
حمص القديمة وأحياؤها (باب هود- باب التركمان- تلة الحجارة- الورشة- الزهراوي..) كما في بعض أحياء حلب ودير الزور ودمشق العريقة، أصبحت الحصان الذي يراهن عليه الطرفان المتصارعان، ويتجاهلان بقية الأحياء المذبوحة عمداً مع سبق الإصرار والترصد..
لكن ماذا عن بقية أحيائها المتوترة..؟ حي الوعر من الأحياء الشعبية الكبيرة الذي كان يقطنه حوالي نصف مليون مواطن وبقي فيه حالياً حوالي200 ألف، أي تهجر أكثر من نصفه.. ومن بقي فيه هم فقط الأشد فقراً، ومن يريد الخروج عليه دفع إتاوة للحواجز تتراوح ما بين 10 آلاف و25 ألفاً، في حين يسمح أحياناً لبعض العاملين في الدولة بالمغادرة والعودة معرضين حياتهم للخطر.
بيع وشراء بين..
استولى المسلحون على جميع بيوت حي الوعر ويمنعون أهلها من العودة إليها. وحسب رواية أبناء الحي، فأغلب هذه البيوت يسرقها الذبيحة ويبيعونها للشبيحة، كما حدث ويحدث في الجزيرتين 6 و7. والأطفال يذهبون إلى ما تبقى من المدارس مغامرين بحياتهم، وتغامر بهم أسرهم حتى لا يغرقوا في الجهل فيغرق بعضهم في الدماء نتيجة القصف المتبادل.. ووصل سعر ربطة الخبز إلى150 ليرة سورية واسطوانة الغاز إلى9000، والحسّابة بتحسب.
قصفٌ يطاله ويطال الأحياء الأخرى كـ«كرم الشامي- الغوطة- الإنشاءات» وخاصة في فترة الظهيرة يومي الخميس والجمعة في ذروة الحركة والأسواق..
هي حمص العدية، هي سورية بشعبها وتاريخها وحضارتها التي تخضع للقتل والتدمير والتخريب، هي سورية التي تخضع للحصار الداخلي والخارجي.. وللمزايدة العلنية.