ديون مصر للبيع...بأقل سعر

ديون مصر للبيع...بأقل سعر

تضر أسعار الفائدة المرتفعة، بالموازنة العامة، المترنحة أساسا، وبميزان المدفوعات وبمناخ الاستثمار بوجه عام، لكن لتمويل عجز الموازنة كان لا بد من الحفاظ على المستثمرين الأجانب بالفائدة المرتفعة، ومع وزيادة الضغط على الموازنة خفض البنك المركزي المصري أسعار الفائدة مرتين خلال العام الحالي، لكن المتغيرات العالمية في الأسواق الناشئة، أجبرت «المركزي» على تثبيت الفائدة المرتفعة، في آخر اجتماعاته الشهر الماضي.

 

فبعد أن كانت المتغيرات الخطرة على الاقتصاد المصري محلية بالكاد (التضخم وتوفير الدولار وجذب استثمارات وخفض عجز الموازنة) انضم متغيران عالميان للتأثير بشكل مباشر في صنع القرار الاقتصادي، تمثلا في ارتفاع أسعار النفط، وأزمة الأسواق الناشئة، التي قرر معها المستثمرون الأجانب بدء موجة تخارج.

يتحرك اقتصاد مصر في دائرة مغلقة، عبارة عن عدة مؤشرات، بعضها يكمل الآخر وبعضها متعارض، فعندما تحاول أن تحقق معادلة توفير الدولار بتعويم الجنيه، يرتفع الدين العام بشكل مطرد، ويصل التضخم في الأسعار لمستويات قياسية، ومع رفع الفائدة لجذب استثمارات أجنبية لزيادة احتياطي النقد الأجنبي، يزيد عجز الموازنة وخدمة الدين الخارجي، وعندما بدأ البنك المركزي تخفيض الفائدة للسيطرة على عجز الموازنة، ظهرت أزمة الأسواق الناشئة، في وقت تحاول فيه مصر إعادة هيكلة الديون.

أحمد شمس رئيس قطاع البحوث بالمجموعة المالية هيرميس، يرى أن بقاء أسعار الفائدة مرتفعة يرفع من تكلفة خدمة الدين ويصّعب من الإجراءات المتبعة لتقليل العجز في الموازنة، «لكنها من جهة أخرى ضرورة في المدى القصير للحفاظ على السيولة الدولارية ولاستقرار سعر الصرف، خاصة مع ارتفاع أسعار البترول مؤخراً وما قد يتبعها من عودة مستوى التضخم للارتفاع».

بلغ التضخم السنوي لأسعار المستهلكين بالمدن 16 في المائة في سبتمبر (أيلول) الماضي من 14.2 في المائة في أغسطس (آب). وفقا للجهاز المركزي المصري للتعبئة العامة والإحصاء. ووفقاً لخطة وزارة المالية، عدم تحميل الأجيال القادمة عبء الديون الحالية، بدأت تغيير آجال استحقاق الديون أولاً كخطوة أولى، ومن ثم تخفيضها كنسبة للناتج المحلي.

وتعد الوزارة برنامج إصلاح هيكلي للاقتصاد يستهدف خفض الدين العام إلى 70 في المائة خلال أربع سنوات من مستواه الحالي. وتستهدف خفض الدين الخارجي إلى ما دون الـ80 مليار دولار بحلول 2021، من 92.64 مليار دولار في نهاية يونيو (حزيران) الماضي. وفقا لوزير المالية محمد معيط.

غير أن نائب الرئيس التنفيذي لشركة إتش سي للأوراق المالية والاستثمار محمد متولي، يقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «خفض حجم الدين للناتج المحلي هدف منطقي ولكن في ظل ارتفاع أسعار الفائدة على الدين وارتفاع تكلفة الدين كنسبة من الميزانية، وهو أمر يبعث على القلق، يصبح وضع خطة متوازية لخفض تكلفة الدين أمراً حتمياً». لكنه يضيف: «قد يكون وضع هدف بألا تزيد خدمة الدين عن 15 في المائة من حجم الميزانية خلال 4 سنوات أمراً منطقياً أيضاً».

وحسب البيان المالي لموازنة 2018 / 2019، من المستهدف أن يصل عجز الموازنة العامة للدولة 8.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وأن تصل تكاليف خدمة الدين 31.4 في المائة من المصروفات العامة.