شروع بالإدانة لا ينفي المسؤولية!
الحكومة الحالية ماضية بسياساتها على نفس نهج الحكومات السابقة المتعاقبة
مالك أحمد مالك أحمد

شروع بالإدانة لا ينفي المسؤولية!

رئيس الحكومة، وفي معرض حديثه تحت قبة مجلس الشعب بتاريخ 17/9/2017، حمّل الحكومة السابقة مسؤولية تصرفها بـ14 مليار دولار من الاحتياطي خلال سنوات 2013- 2014- 2015، مبيناً بأنه خلال السنوات المذكورة زادت معدلات التضخم من نسبة 100% إلى 1000%.

تحميل المسؤولية أعلاه كان بغرض المقارنة بعمل حكومته، حيث صرح بأن الحكومة الحالية لم تصرف دولاراً واحداً منذ أكثر من عام، ولم يحصل أي تضخم، بل تحسن سعر الصرف، لكنه لم يوضح أين صرفت هذه المليارات من الدولارات، وبأي جيوب أصبحت!
جانب من كلام رئيس الحكومة فيه صحة، رغم قسوته على مستوى حياة المواطنين ومعيشتهم، حيث لم يدفع ضريبة هذا التضخم إلا المفقرين وأصحاب الدخل المحدود، ولكنه أغفل أنه كان أحد أعضاء الحكومة التي طالها انتقاده خلال السنوات المذكورة، كما غيره من بعض أعضاء حكومته الحاليين، والأهم أنه أغفل أن العمل الحكومي هو عمل مستمر ومتكامل، وليس فيه انقطاع، وبالتالي فإن تحميل المسؤوليات، بهذا الشكل المعلن والصريح، من المفترض، بل يجب، أن يتبعه بالحد الأدنى بعض الاجراءات من قبل الحكومة الحالية في تحميل المسؤوليات رسمياً ومتابعة المقصرين والمتسببين في هذا التصرف بالمليارات، وبمعدلات التضخم الكبيرة، التي دفع المواطن ضريبتها جوعاً وفقراً وعوزاً، على أقل تقدير.
على الجانب الآخر، فإذا كانت التقديرات تقول بأن الاحتياطي النقدي من القطع قبل الأزمة كان بحدود 18- 23 مليار دولار، فإن ما تبقى من هذا الاحتياطي، بعد الاعلان الرسمي عن التصرف بـ 14 مليار دولار منها، يقدر بحدود 4-9 مليار دولار فقط.
ليبق السؤال الملح برسم الحكومة الحالية، كيف سيتم التصرف بهذا الاحتياطي من قبلها، وأين يجب أن يستثمر هذا الرقم بما يحقق معدلات التنمية المطلوبة، وبما ينعكس ايجاباً على المواطنين وحياتهم ومعيشتهم، وبما يحقق بالمحصلة عائدات على الخزينة تعوض ما تم فقدانه من احتياطات بالقطع الأجنبي خلال السنوات الماضية؟.
فواقع الحال يقول بأن الحكومة الحالية ماضية بسياساتها على نفس نهج الحكومات السابقة المتعاقبة، سواء على مستوى الانتاج الحقيقي، صناعي وزراعي وغيره، أو على مستوى تخفيض الانفاق الحكومي، والاستمرار برفع الدعم عبر ما يسمى تصحيح الأسعار، مع الاستمرار بسياسة تجميد الأجور، وهذه وتلك وسواها من هذه السياسات لا، ولن، تؤدي إلى التنمية المطلوبة، ولا إلى تحسين المستوى المعيشي للمواطن، بمقابل الاستمرار بدعم أصحاب رؤوس الأموال من أجل جني المزيد من الأرباح على حساب الوطن والمواطن.

آخر تعديل على الإثنين, 18 أيلول/سبتمبر 2017 17:48