بصراحة: لماذا لا يناقش العمال في المؤتمرات؟
المراقب لسير انعقاد المؤتمرات النقابية يلاحظ مباشرةً أنها تفتقد أهمّ عنصر من عناصر النضال النقابي والعمالي وهو: أن يعبر العمال عن قضاياهم الأساسية المتعلقة بواقع وشروط العمل في منشآتهم الإنتاجية ومستوى معيشتهم الذي وصلوا إليه وربطاً بذلك مستوى أجورهم وعلاقته بمستوى الأسعار هذا بالأغلب ولا يخلو الأمر من أحد لامس تلك القضايا هنا أو هناك ولكنها تبقى قليلةً ولا تعبر عن الواقع العام الذي تعيشه الطبقة العاملة.
السؤال الذي يقفز فارضاً نفسه: هل المشكلة عند العمال أم المشكلة في شكل ومضمون ما يتم إعداده للمؤتمرات النقابية؟ أي هل المؤتمرات بما هي عليه الآن مقنعة للعمال من أجل طرح حقوقهم ومطالبهم؟ العمال ومن خلال الخبرة المتراكمة من المؤتمرات السابقة لجملة المطالب والحقوق التي قدمت والتي أصابها العفن في أدراج أصحاب العقد والربط من المسؤولين، إن ما سوف يقدمونه من مواقف ومطالب وهي بازدياد ستذهب كسابقاتها، أدراج الرياح، «وكأنك يا أبا زيد ما غزيت»، هذا جانب، والأخر له علاقة بالطريقة «الجديدة» التي جعلت من المؤتمرات عبارةً عن فصل مدرسي يلقي فيه رئيس النقابة ما في جعبته وكذلك أعضاء المكتب، وعلى الحضور الاستماع قسراً لما تم إلقاؤه ولا يجوز ومن غير المسموح الخروج عن النص، لأن النصوص متحكم بها، وبالتالي هي المحددة لسير أعمال المؤتمر وشكل ومضمون النقاش المفترض، وبهذا يكون المؤتمر قد خسر عنصراً هاماً من عناصر نجاحه، وهو حرية التعبير والنقاش للقضايا الأساسية التي ذكرناها في المقدمة، وبالتالي إمكانية اتخاذ القرارات التي تمكن العمال من تحصيل حقوقهم، والدفاع عن مطالبهم وفي مقدمتها: أجورهم حيث يجري أحياناً تغييب المطالبة بها وتقديم المبررات للحكومة لعدم رفع الأجور وتحسين الوضع المعيشي للعمال.
إن ضعف المؤتمرات المنعقدة، وعدم رفع العمال لصوتهم لاعتبارات عدة، تتعلق بالحريات السياسية والنقابية، بحد ذاته يعكس موقفاً من العمال تجاه ما هو قائم، ويعبر عن عدم الرضى والقبول، وهذا ليس موقف العمال فقط، بل هناك الكثير من القيادات النقابية لديها الموقف نفسه وهو مؤشر ورسالة يبعثها العمال إلى كل السامعين والحاضرين لهذه المؤتمرات بأنّ الطبقة العاملة ستقول كلمتها وسترفع صوتها في ظروف أخرى تمكنها من ذلك. سنعيش ونرى هل يفعلها العمال؟