ملايين يستغيثون من العطش والمعنيون "أذنهم من عجين"!
سكان العاصمة لم يعرفوا النوم منذ خمسة أيام وهم بانتظار صوت خرير المياه بالصنابير، حسب الوعود المقطوعة من قبل مؤسسة المياه بناءً على جداولها المعلنة، دون جدوى.
الملايين من المواطنين أصبحوا بحالة عوز مائي، ليس على مستوى الغسيل والتغسيل، بل على مستوى مياه الشرب نفسها، وجل ما تم القيام به هو أن قامت مؤسسة الاستهلاكية بحملة دعائية عن بيع عبوات المياه، ما لبثت أن تم استثمارها وتجييرها لحساب التجار والسماسرة وتجار الحرب والأزمة، في استغلال علني وصريح ومباشر لحاجة الناس الحياتية للمياه.
أعذار غير مبررة
خطة طوارئ المياه لم تسعف سكان العاصمة كما لم تنقذهم من حالة العوز والعطش المائي، فمنذ يوم الجمعة وحتى الآن، وفي كل يوم يتم تعميم جدول خلبي لتوزيع المياه على أحياء المدينة.
الأعذار التي يسوقها رسميو الحكومة ومؤسسة المياه حول سيطرة الإرهابيين على نبع الفيجة وتهديداتهم، غير مبررة، فهذه السيطرة ليست جديدة أو وليدة اليوم واللحظة، والتهديد بقطع المياه من قبل هؤلاء عن دمشق لم يطلق الآن، بل سبق وأن تم التهديد بقطع المياه، بل وبتفجير النبع نفسه، منذ سنوات، فماذا هيأت الحكومة والمؤسسة لهذه اللحظة كي لا تكون هذه الخطة أداة فعل حقيقي على مستوى الضغط من قبل هؤلاء الإرهابيين على سكان العاصمة والحكومة، وعلى مستوى دور الدولة بشكل عام بهذا المضمار؟.
خطط خلبية للطوارئ
واقع الحال يقول بالشكل العملي أن مؤسسة المياه لم تنجز أي خطة طوارئ بديلة، تخفف الضغط عن سكان العاصمة بحال تم تنفيذ خطة هؤلاء الإرهابيين بقطع المياه أو بتفجير النبع، أو أي سبب آخر يحول دون وصول المياه عبر الشبكة، بدليل الجداول الخلبية المعتمدة من قبلها لتوزيع المياه على أحياء العاصمة، وبدليل ترك المجال أمام شريحة تجار المياه الجدد ليستغلو ما يمكن استغلاله من المواطن، كشريحة مستجدة من تجار الحرب والأزمة على مستوى العاصمة، وكأن مصادر هؤلاء من مياه الصهاريج من كوكب آخر!، حيث وصل سعر برميل المياه إلى 2500 ليرة وأكثر، فيما وصل سعر عبوة المياه إلى 650 ليرة.
مهزلة للتاريخ
مهزلة التاريخ على يدي مؤسسة المياه والحكومة أن تصبح دمشق، صاحبة أقدم شبكة أقنية لتوزيع المياه العذبة على أحيائها، عطشى وبحالة عوز مائي، وهي التي يمر عبرها بردى بفروعه السبعة، ويحيط بها عدد كبير من ينابيع المياه العذبة المتفجرة من باطنها، وفيها عدد كبير من آبار مياه الشرب العذبة، وغيرها من الآبار التي تصلح للغسيل والاستعمالات الأخرى.
والمهزلة الأكبر أن تكون خطة الطوارئ المعتمدة من قبل مؤسسة المياه تقتصر على الجداول الورقية فقط، في حين طالما صرحت عن موارد بديلة تستعين بها عند الضرورة، ولكن ما زال العطش هو سيد الموقف حتى الآن.
بانتظار الخطط الحكومية، الاسعافية والسريعة، القابلة للتنفيذ على مستوى درء مخاطر شح المياه عن الملايين من البشر، بعيداً عن كل أوجه الاستغلال، والصمت عنها.