لا يوجد لدينا أدوات لسوق العمل؟
أظهر اللقاء الذي عقد في مبنى الاتحاد العام حول سوق العمل، والمشكلات والمعوقات التي تواجه هذا السوق، من أجل تحديد ومعرفة قوة العمل المفترض بيعها لتلبي الاحتياجات المفترضه للعمليات الاقتصادية، بما فيها الإنتاجية، التي شكى الكثير من أرباب العمل وكذلك المسؤولين الحكوميين والنقابيين من ندرتها، وخاصةً الآن، أي في ظروف الأزمة، حيث تفتقر السوق لليد العاملة الماهرة والمدربة وقدوم الأيدي العاملة غير المؤهلة للقيام بعمليات الإنتاج المتطورة تكنولوجياً.
إن الوصف الذي قدمه البعض لواقع سوق العمل من حيث قلة الأيدي العاملة الماهرة وتسرب الأيدي العاملة غير المدربة، وكفى الله المؤمنين شر القتال، هو وصف سطحي لم يلامس حقيقة الواقع الذي أوصل سوق العمل لما هي عليه، لهذا كان الحل من وجهة النظر تلك هو إجبار الشباب على العمل وسوقهم إلى سوق العمل، بينما واقع الحال التي تطرق إليها العديد من المداخلين والتي أوضحت المشكلة الحقيقية، والتي قفز البعض عنها، هي علاقة الأجور بالأرباح حيث انخفاض وتدهور الأجور إلى الحدود التي لم يعد هناك قدرة على تحملها دفع الكثير من العمال الفنيين، الذي اكتسبوا مهارة العمل في معامل القطاع العام لترك العمل، وانتقل الكثير منهم للعمل في معامل القطاع الخاص، دون تكاليف يتحملها هذا القطاع في إعداد المهارات أو في التدريب والتأهيل المهني والصناعي مقابل أجور أفضل، ولكن حتى هذه الأفضل لم تعد جاذبة، لهذا هاجر العمال إلى تركيا ولبنان والأردن وإلى أوروبا.
إن السياسات الليبرالية الانفتاحية الواسعة، والتي كان لها دور في صياغة الموقف «القانوني» بأن العقد شريعة المتعاقدين، أي إطلاق يد قوى السوق في التحكم والسيطرة على سوق العمل، وتحديد الأجور لشراء قوة العمل، مع غياب فعلي لأي دور لجهاز الدولة قادر على الفعل باتجاه أن يكون متحكماً بسوق العمل، من حيث تحديد الحد الأدنى للأجور يتناسب مع وسطي تكاليف المعيشة، حيث مازال الحد الأدنى للأجور هو 16175 ل.س، فهل هذا الحد الأدنى جاذب للعمالة الماهرة التي يشكو أرباب العمل من فقدانها؟ خاصةً وأن وزيرة العمل تقول في مداخلتها: «أن الوزارة لا تملك الأدوات التي تحدد احتياجات سوق العمل، وما هو العرض والطلب في السوق!» والتي مكون أساسي منها؛ الحد الأدنى للأجور، الذي يؤمن كرامة العامل وحقه في أن يعيش كما هو مفترض أن يعيش.