الحكومة بين الاستراتيجي والآني؟

الحكومة بين الاستراتيجي والآني؟

منذ تفجر الأزمة، والحكومات عبر رؤسائها وأعضائها يصرحون بأن عمل الحكومة في الأزمة هو يوم بيوم، ولا يمكن سلوك مسلك آخر في العمل من أجل حل القضايا المختلفة، منها تأمين المستلزمات الضرورية لحاجات الناس من مواد غذائية وتموينية ومشتقات نفطية وخلافه.

ولا ندري بهذه التصريحات المتكررة؛ هل يراد إيصال موقف للرأي العام مفاده أن ظروف الأزمة تجعل عجز الحكومات المتعاقبة عن صياغة مواقف استراتيجية أمراً مبرراً؟ وكأن ظروف الأزمة لا تحتاج للقرارات الاستراتيجية من أجل تأمين ما يحتاجه الشعب السوري، ليس بالوكالة عن الحكومة كما هو جارٍ الآن في إيكال المهمة لعدد محدد من التجار المتنفذين، قد لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة، وبتمويل من الحكومة لمستورداتهم من أموالها بل عبر دور أساسي للحكومة كمستورد وموزع.

من المؤكد أن ظروف الأزمة ضاغطة وتحتاج لمجابهتها إلى قرارات لها طابع إبداعي، الأساس فيها هو مصلحة أغلبية الشعب السوري، ولكن السياسات الاقتصادية الليبرالية التي كان من المفترض نسفها من جذورها من أجل المواجهة الحقيقية مع مسببات الأزمة ومفرزاتها، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كي لا يعاد إنتاجها مرة أخرى، هذا الأمر لم يتم لأنه يحتاج إلى موازين قوى تتمكن من عملية النسف، والعنصر الأبرز في تغير موازين القوى هو قدرة الشعب السوري على الدفاع عن مصالحه الحقيقية، المتمثلة باستعادة الثروة المنهوبة ليعاد توزيع الدخل الوطني ويصحح العلاقة المختلة فيه، وهو تعاظم الأرباح على حساب الأجور.

الآن يعاد طرح تلك المقولات، ولكن هذه المرة بما يخص القطاع العام الصناعي، حيث الاجتماعات المكثفة والنقاشات المتكررة لطرق الإصلاح التي تعاد فيها تلك الطروحات التي عمل عليها الفريق الاقتصادي، الذي كان على رأسه الراحل عن الحكومة عبد الله الدردري، والتي عبرت عنها مذكرة إصلاح القطاع العام لوزارة الصناعة الحالية، من حيث تقسيم الشركات إلى أصناف وفئات رابحه وحدية وخاسرة، ولكنها فشلت في حينه، فكيف سيجري الإصلاح والموارد معدومة كما تدعي الحكومة؟.

الجواب على السؤال متضمن في مذكرة وزارة الصناعة، وهو عبر قانون التشاركية، أليس هذا قرار استراتيجي تأخذه الحكومة الحالية على عاتقها لعملية «إصلاح» القطاع العام الإنشائي والصناعي، وبالطبع الإصلاح سيشمل عمال هذا القطاع التي بدأت معالمه الواضحة بالاجتماع المعقود بين الحكومة ومدراء الشركات الإنشائية، الذي كانت إحدى قراراته استثناء العمال من قانون العاملين، ولكن على أي قانون أخر سيُتبعون فهذا علمه عند الله؟.