بهارات ترويجية خالية النكهات
تداولت وسائل الإعلام صباح اليوم خبر موافقة رئاسة مجلس الوزراء على توصية اللجنة الاقتصادية المتضمنة آلية عمل مؤسسات التدخل الايجابي، المتعلقة بتأمين وتسعير المواد الغذائية الأساسية المعروضة في منافذ هذه المؤسسات.
ومن هذه الآليات التي تم إقرارها:
- حصر بيع منتجات المعامل والمنشآت التابعة لوزارة الصناعة إلى مؤسسات التدخل الايجابي.
- إضافة مادتي السمون والزيوت، المنتجة محلياً أو المستوردة، إلى جانب مادتي السكر والرز ليتم استجرار نسبة 15% من هذه المواد لصالح مؤسسات التدخل الإيجابي.
- استلام نسبة 15% من كمية أي مادة مستوردة بسعر التكلفة، وذلك للمواد الأساسية التي يحددها وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك.
- ضم مؤسسة العامة لتوزيع المنتجات النسيجية "سندس" جبناً إلى جنب مع (الاستهلاكية- الخزن والتسويق) للاستفادة من النسبة المذكورة البالغة 15% أعلاه.
- الطلب إلى المؤسسات مراجعة أسعار السلع والمواد المتوفرة لديها أسبوعياً.
تثبيت وصاية المستوردين والسماسرة
الملفت بالأمر هو النموذج الترويجي لهذه التوصية والحديث عن الانعكاس الإيجابي لها على مستوى زيادة المعروض السلعي من المواد الأساسية بمنافذ بيع هذه المؤسسات، وكأن مضمون مثل هذه التوصيات يحقق النقلة الاقتصادية المطلوبة على مستوى دور الدولة بتأمين احتياجات المواطنين من المواد والسلع، وخاصة الأساسية منها، عبر أذرع الدولة المتمثلة بهذه المؤسسات.
حقيقة الأمر أن مضمون هذه التوصية يثبت بما لا لبس فيه أن هذه المؤسسات أصبحت تحت رحمة ووصاية التجار والمستوردين والسماسرة، وخاصة الكبار منهم، وبأن الحكومة ليست بصدد تحسين واقع ودور هذه المؤسسات كي تقوم بدورها المطلوب كأداة بيد الدولة من أجل تأمين احتياجات المواطنين من السلع والمواد بمواصفة جيدة وسعر منافس ومقبول، وهي ما أحدثت من أجله بتخصصاتها المختلفة، ولتغدو نسبة الـ 15% أعلاه منةً من التجار والمستوردين، تضاف إلى مناتهم السابقة بتشغيل هذه المؤسسات عبر سلعهم وبضائعهم واستثماراتهم الريعية فيها.
إعادة الحصر مع سلبياته
وبالحديث عن مضمون التوصية وبعض حيثياتها؛ طالما أن الحكومة قررت إعادة حصر بيع منتجات المعامل والمنشآت التابعة لوزارة الصناعة بهذه المؤسسات، على الرغم من الملاحظات المتعلقة بموضوعة هذا الحصر وشكله وتفرعاته، على مستوى المواصفة والسعر والجودة وغيرها، والتي كان لها الكثير من الآثار السلبية بمرحلة سابقة على هذه المعامل والمنشآت، وعلى مؤسسات التدخل نفسها، فهل تمت دراسة هذه الأثار وتلك النتائج وتم وضع حلول لها قبل اتخاذ قرار إعادة الحصر أعلاه؟، أم سيعيد التاريخ تجربة تراكم المخازين وتجيير المسؤولية على مؤسسات التسويق، مع سلبيات التشابكات المالية والتمويلية، لتباع هذه المخازين لاحقاً بأسعار اقتصادية، فيها بعض الخسارة، للتجار والسماسرة؟.
الأولى حصر استيراد المواد الأساسية
من باب أولى على الحكومة أن تتخذ قراراً تحصر بموجبه استيراد المواد والسلع الأساسية بيدها عبر أذرعها العديدة، وخاصة بهذه المرحلة بالذات، وتعكس الآية والألية المقرّة أعلاه بحيث تكون هي من تمنح التجار نسبة من هذه المستوردات، لتغطية احتياجات المواطنين منها، باعتبار أن منافذ البيع التابعة للمؤسسات لا تغطي كافة المناطق والأسواق، وتكون بذلك آليات التحكم بالعرض والطلب بيدها وحدها، وخاصة على مستوى التحكم بالمواصفة والجودة والسعر.
نهاية المآل أن الحكومة عبر سياساتها المتبعة ما زالت مصرة على لي أذرع الدولة رويداً وتباعاً، وكأنها عازمة على بترها والتخلص منها، لمصلحة كبار التجار والمستوردين والسماسرة، كي يصولوا ويجولوا وتزداد فرص تحكمهم وسيطرتهم واحتكارهم أكثر فأكثر، على حساب المواطنين والوطن، ولكن مع الكثير من بهارات الترويج الإيجابي الخالي من النكهات.