داعش في الحسكة.. وظيفة إضافية!

داعش في الحسكة.. وظيفة إضافية!

 

شهدت مدينة الحسكة خلال الـ 48 ساعة المنصرمة محاولات حثيثة، من قبل ما يسمى «تنظيم الدولة»، لاقتحام المدينة، بعد أن فشل سابقاً في ذلك ولمرات عديدة.

 الجديد في المحاولة الأخيرة، هي القدرة على التسلل إلى داخل المدينة، والسيطرة على بعض النقاط في الأحياء الجنوبية منها واستخدام السيارات المفخخة لإحداث الاختراقات، وفسح المجال لإدخال المزيد من عناصر التنظيم الإرهابي إلى داخل المدينة، مع نشر الذعر والبلبلة، حسب روايات العديد من أبناء المدينة والأحياء المذكورة. حيث تصدت وحدات من الجيش السوري للهجوم، وبمؤازرة قوى عسكرية محلية عديدة، واندلعت معارك استخدمت فيها مختلف صنوف الأسلحة، بما فيها الطيران الحربي، ومع احتدام المعارك نزح عشرات الآلاف من المواطنين من منطقة التوتر، في سابقة لم تشهد المدينة لها مثيلاً منذ بداية الأزمة، لاسيما وأن ذلك ترافق مع قصف بعض مناطق المدينة بقذائف الهاون، ليتبع ذلك هجمات أخرى بالسيارات المفخخة على حواجز في أطراف المدينة.


الجبهة الأخطر!..

خلال تغطيتها للأحداث الجارية في مدينة الحسكة، دأبت العديد من وسائل الإعلام، والعديد من وسائل التواصل الاجتماعي،على التركيز على التنوع الديني والعرقي في المحافظة، وكأنه ثمة علاقة طردية بين المسألتين، فكلما ازداد الضغط الداعشي، تصاعد الحديث عن هذه القضية، مع إبراز الخلافات والتجاذبات  السياسية القومية بين القوى المختلفة، ونشر الإشاعات، وفبركة الأخبار. 
من المعروف أن هذا التنظيم الإرهابي تنامى، واشتد عوده في ظل  فوضى السلاح، وتأخر الحل السياسي، وتفشي العنف، وفي ظل التصدعات التي تمخضت عن الأزمة الوطنية، وحيث ظهرت مقاومة جدية وحقيقية في وجه داعش اندحرت و انهزمت، ولم تحقق انتصاراً جدياً، رغم أن وسائل إعلام مختلفة حاولت تعويمها، وتخويف الناس منها على اعتبار أنها قوة خارقة، لا تُرد!.


تضخيم النزوح..

من النتائج الأوليه لمحاولات داعش الأخيرة في اقتحام الحسكة والتهويل الإعلامي الذي واكب المحاولة، عملية النزوح الجماعي التي جرت في المدينة، والتي وصلت إلى عشرات الألوف حسب بعض التقديرات، حيث نزح أهل الحسكة إلى الأحياء البعيدة نسبياً عن ساحة القتال ضمن المدينة، أو إلى المدن والبلدات الأخرى في المحافظة، وذلك بعد احتدام المعارك، الأمر الذي ساهمت فيه إلى حد كبير وسائل الإعلام، حسب أراء نشطاء، بهدف خلق البلبلة والتوتر، وتوظيفها في تعميق التصدعات الموجودة، ولكن في الوقت نفسه حالة النزوح الواسعة، أكدت على حقيقة أساسية وهي تماسك النسيج الاجتماعي،  وتوحده ضد داعش، الأمر الذي تجلى من خلال سلوك أبناء المناطق الهادئ مع النازحين، وتكوّن رأي عام في المحافظة، عابر لكل التقسيمات الإثنية على ضرورة مواجهة هذا التنظيم الإرهابي، وهو الموقف الذي يمكن البناء عليه في تعميق وتوسيع دور المقاومة الشعبية.


فهم الوظيفة..(الداعشية)

مثل أغلب مناطق سورية لا توجد أية إمكانية أمام أي تنظيم على شاكلة داعش، الاستقرار في منطقة من مناطق الحسكة بلا استثناء، فلا توجد لها أية بيئة حاضنة. 
الاختراق الوحيد الذي يمكن أن تحدثه داعش هو إثارة الفتن، عبر اللعب على الحساسيات القومية والدينية، التي ظهرت خلال الوضع المعقد الناشئ في ظل الأزمة، و بسبب خطاب بعض النخب والقوى السياسية، وهذا ما يضع أمام كل القوى الوطنية والشعبية في المحافظة، العمل عكس ذلك. وبناء عليه فإن كل ترويج للانعزال القومي والديني والطائفي اليوم هو (داعشيّة) من طراز آخر، وكل محاولة للاستئثار أو احتكار الساحة، أو إقصاء أحد، ومن أي طرف كان، وتحت أية حجة كانت، تعني عملياً فتح أبواب المحافظة أمام داعش من حيث يدري صاحبها أو لا يدري. 

المقاومة الشعبية حل وحيد..

إن مواجهة داعش قدر على كل أبناء محافظة الحسكة، وعموم السوريين، وبالتالي لا يحق لأحد التسويف والمماطلة في القيام بهذا الواجب الوطني والإنساني.
التجربة الميدانية في مواجهة داعش عبر المقاومة الشعبية، يجب أن تتعمق، وتتسع لتأخذ طابعاً وطنياً سورياً في البنية والدور، وذلك بإزالة كل ما من شأنه أن يقلل من دورها، أو يشكك به، والانتباه إلى محاولات احتوائها واستغلالها لصالح قوى معادية لعموم السوريين.
إن داعش ليست مجرد (داعش) كما تقدمها لنا وسائل الإعلام، فهي تعني الفوضى، تعني تدمير الثقافات المتعددة، تعني إنهاك الجميع، واستنزافهم، ليذهب الجميع صاغرين، طالبين العون ممن زرع هذا الطاعون في العالم، ويحاول استباحة العالم مرة أخرى تحت راية محاربته.