أمراض ليست عابرة؟؟

أمراض ليست عابرة؟؟

 

دائماً  يجد المسؤول مبرراً للتقصير، ودائماً هو في الجانب البريء والصحيح، وما يتم الصمت عنه هو الأفضل، وهو الذي يسكن وجدانه فالقضية لم يثرها أحد، والمواطن دائماً ما يغيب صوته إن كان له صوت.

المسؤول هنا ليس وزيراً أو محافظاً فقط.. بل العدوى تصل إلى المحاسب الصغير، وشرطي البلدية، وموظف طوارئ الكهرباء، وجابي المياه، ومفتش التأمينات، ومؤشر عدادات الكهرباء والماء، والزبال، والأب والأم في بيتهما...كلنا نفكر بالعقلية بنفسها التي استوطنتنا عبر عقود من التربية على مراكمة الأخطاء، وخلّق مبررات مبدعة  لتجميل الفشل، وجعله يتفوق على النجاح في علاج قضايا تبدو صغيرة، ولكنها مع الأيام تنتفخ ككروش الساكتين عن الخطأ، وكروش المستفيدين من مبدأ اللهم أسألك نفسي.

المواطن يفضل النوم في العتمة ولا يكلف خاطره الاتصال بمركز الطوارئ، وموظف الطوارئ يرفع سماعة الهاتف دائماً أو يجري مكالمة طويلة مع (صاحبته)، وهذه الحال ليست ضرباً في التنجيم إنما تحدث في مدينة قطنا، والإثنان متفقان على الرضى، وطول الأزمة جعلهما متفقين على القبول بالأمر الواقع، وهو الإبقاء على الواقع كما هو، المواطن ينام باكراً والموظف المتقاعس يبرر بأن لديه تعليمات بعدم إجراء الإصلاحات ليلاً، وهذا كذب في مدينة آمنة لا يسيطر عليها سوى هدوء العتمة المثير للذعر.
تنقطع المياه لأكثر من أسبوع ولا أحد يبحث في إمكانية حل يمنع أصحاب الصهاريج من استغلال المواطن، ومدير وحدة المياه الفاشل يعزو الأمر إلى عدم توفر مادة المازوت حيناً، وإلى الجليد حيناً آخر، والمواطن ليس لديه سوى التصديق ومطاردة الصهاريج والاستمتاع بدفع فاتورة المبررات القاتلة.
إصابات بأمراض مصدرها المياه، وحالات إسهال ومغص لدى الكبار والصغار، ووحدة الهلال الأحمر تقول: إن لديها أكثر من 60 إصابة في يومين، وأنها أبلغت مدير وحدة المياه بذلك، ومسؤولو الشأن الصحي لا علم لهم وهذا أفضل، أو أنهم لم يعلموا بالأمر من جهة رسمية، بينما الكارثة هي في الإهمال واللصوصية التي أدت إلى هذا الوباء، وأن شخصاً واحداً بيده مفاتيح صنابير توزيع المياه، وأن الشبكة التي تضخ المياه سيئة وصدئة، وأنه تم استبدالها بأخرى وفق مشروع عام لريف دمشق كلف مئات الملايين ولم يستفد منه أحد، ولم تعمل الشبكة الجديدة نتيجة أخطاء فنية وإدارية، ومن أجل التعمية على اللصوص.
بالنتيجة هناك من لا يريد أن يعلو صوته من اجل حقه، وهناك من لا يريد أن يسمع؟.