هل بدأت خصخصة المياه في القامشلي؟

هل بدأت خصخصة المياه في القامشلي؟

خلال موجة الحر الأخيرة في شهر أيار الماضي، بدأت أزمة مياه جديدة في القامشلي لا تشبه سابقاتها من أزمات المياه التي عرفها الناس كل عام. ولم تبدأ هذه الأزمة دفعة واحدة، بل وصلت إلى مختلف أحياء المدينة بالتدريج.

في البداية، أدى انقطاع الكهرباء عن آبار المياه بسبب العاصفة الغبارية إلى انقطاع شبه كامل للمياه عن القامشلي بسبب انهيار 5 أبراج كهربائية. وبعد الصيانة، عادت الشبكة للعمل. ثم بدأت أزمة جديدة التي قيل: إن سببها قلة الهطولات المطرية والجفاف. وسط غياب أي تصريحات الرسمية حول سبب أزمة المياه الجديدة.

تعتمد القامشلي على 52 بئراً في محطة مياه الهلالية و16 بئراً في محطة العويجة و6 آبار في محطة جقجق. وشملت الأزمة الجديدة العديد من أحياء المدينة التي عرفت انقطاعاً متقطعاً، ثم انقطاعاً شاملاً في الحي الغربي والكورنيش والمصارف والموظفين والسياحي وقناة سويس والخليج والسياحي ومنير حبيب.

حي الموظفين والسياحي

عرف حي الموظفين نظاماً قديماً لضخ المياه: يوم قطع ويوم وصل. وهو نظام متبع منذ الثمانينيات في بعض أحياء القامشلي. وحسب ما رواه بعض أهالي الحي لمراسل قاسيون، انقطعت المياه عن حي الموظفين عدة مرات لأيام متواصلة باستثناء بعض الساعات التي يجري فيها ضخ المياه في الشبكة بشكل عشوائي وخارج أوقات الكهرباء. وتنتعش هنا تجارة مولدات البنزين وصهاريج الماء الخاصة في ظل ارتفاع مستوى الاستهلاك الشعبي بسبب موجة الحر التي بدأت بداية أيار الماضي.

ويشهد الحي السياحي أزمة مياه قديمة في الحالة الطبيعية، وفي ظل الأزمة الجديدة هناك انقطاع كامل للمياه في الحي. ويلجأ الناس إلى تعبئة المياه من الصهاريج الخاصة.

حي الكورنيش

تحدث أهالي الحي لمراسل قاسيون عن وجود العديد من آبار المياه المعطلة التي كانت تغذي الحي في السابق. تعطلت هذه الآبار منذ سنوات، وراجع أهالي الحي الدوائر المعنية عدة مرات بلا نتيجة فعلية، ولم يحصلوا سوى على الوعود والتسويف. وهنا صورة عن أزمات المياه القديمة التي تنتظر الحل في القامشلي، وتضيف ظروفاً مركبة إلى أزمة المياه الحالية. فهل سيجري إصلاح الآبار المعطلة في حي الكورنيش؟ أم ستغزو سوق المياه الخاصة جيوب الناس؟

حي المصارف والحي الغربي

في حي المصارف، وبسبب تفاقم أزمه المياه، حفر سكان الحي بئراً لتغذية بعض المناطق، وذلك للتخلص من الصهاريج التي تزيد من تفاقم الوضع بسبب ارتفاع الأسعار. لقد اضطر الأهالي إلى حفر البئر الذي تصل تكلفته في الحالة الطبيعة إلى 1500 دولار، وخلال الأزمات إلى 2500 دولار. وهذا الحل غير متاح لغالبية سكان القامشلي بسبب التكلفة العالية.

لقد حدثت الأزمة في هذا الحي الذي يعرف بخطوط الشبكة القديمة والجيدة وقلة حدوث أزمات المياه، ولكن شملته الأزمة الجديدة هذه المرة. أما في الحي الغربي، فكان السكان يشتكون من الضخ الذي لا يكفي في البداية، ثم بدأ مسلسل الانقطاعات مثل باقي أحياء المدينة.

ترخيص الصهاريج الجديدة

خلال الأسابيع الأولى للأزمة الجديدة، كان صهريج الماء يبيع 5 براميل بسعر يتراوح بين 70 ألف - 100 ألف ليرة.

وصدر قرار من الهيئات المعنية في الإدارة الذاتية لتخفيض السعر إلى 30 ألف ليرة لكل 5 براميل. كما سمحت الإدارة بترخيص الصهاريج الجديدة برسم قدره 1000 ليرة سورية فقط. وهو ما أثار استغراب الأهالي! حيث تحدث سكان من حي السياحي لمراسل قاسيون: وكأن هذا القرار يخبرنا بالاستعداد لصيف بلا مياه!

في ظل هذا الوضع الذي يحتاج إلى حلول عاجلة لقضية المياه في القامشلي، يجري تنشيط سوق المياه الخاصة عبر الصهاريج ومياه الشرب المعبئة! فالحلول الاستراتيجية غائبة حتى الآن.

التعديات على الخطوط

في أكثر من تصريح رسمي، كشفت الهيئات المعنية في الإدارة الذاتية عن وجود عدد كبير من التعديات على شبكة المياه لصالح المزارع الخاصة التي انتشرت بكثرة خلال السنوات الأخيرة. ويسأل سكان الأحياء: كيف تنقطع المياه عن منزلنا، ويتنعم أصحاب المزارع بمياهنا بلا محاسبة!

هل بدأت الخصخصة؟

يخاف الناس من خصخصة المياه في القامشلي، خاصة وأن مناهل المياه (الخاصة) التي تزود الصهاريج، لم تشهد انقطاعات المياه خلال فترة الأزمات السابقة والحالية.

ومع كل أزمة جديدة، تتوسع تجارة المياه الخاصة عبر شكلين: الصهاريج، والمياه المعبئة. ولا يفكر المعنيون بالعطش الذي يضرب المدينة في هذا الصيف الحار.

يريد أهالي القامشلي حلاً عاجلاً لمشكلة المياه قبل أن تتفاقم أكثر، فلا طاقة لكل الناس على الشراء من الصهاريج، ومن راتبه مليون ليرة على سبيل المثال، سيحتاج إلى 400 ألف ليرة سورية كحد أدنى شهرياً لتعبئه المياه فقط!