المقاومة لم تخترع «وحدة الساحات»... بل تصدت لها!

المقاومة لم تخترع «وحدة الساحات»... بل تصدت لها!

تشهد منطقتنا اليوم حرباً مفتوحة على أكثر من جبهة، ومع تصاعد عمليات المقاومة، تبرز «وحدة الساحات» كخطوة كبيرة على طريق مواجهة العدوان الصهيوني. ومع ذلك، ظهرت في الآونة الأخيرة بعض الأصوات التي تهاجم هذه الفكرة، محاولةً التقليل من أهميتها أو حتى تشويهها، سواء بزعم أنها تخدم مصالح خارجية - والمقصود إيران - على حساب دول الطوق، أو بأنها أداة تلعب في عكس مصلحة المقاومة.

أول ما ينبغي قوله هو أن أصحاب هذه الآراء يتجاهلون - بقصدٍ أو دون قصد -  أن مفهوم «وحدة الساحات» ليست من ابتكار أو استحداث قوى المقاومة في فلسطين أو لبنان أو غيرها من دول المنطقة. بل على العكس، من ينظر لتاريخ هذا الصراع لا بد له أن يدرك سريعاً أن الكيان الصهيوني بوصفه قاعدة متقدمة تحمي تراكم رأس المال الإمبريالي في المنطقة، وبوصفه إحدى «ابتكارات» أزمة الرأسمالية العالمية عندما تحتد وتترافق مع تطرف قوى رأس المال المالي الأكثر رجعية، هو الذي فرض وحدة الساحات هذه من خلال سياسة الهيمنة التي تتبناها نخب رأس المال المالي العالمي ضد شعوب المنطقة كافة. والعدو الصهيوني، بوصفه ذراعاً رئيسيّةً للهيمنة الأمريكية في المنطقة، لا يرى في دول المنطقة سوى «ساحة واحدة» ينبغي إخضاعها وإذلال شعوبها.

وقد دأبت الولايات المتحدة «إسرائيل» على التعامل  مع منطقتنا ككتلة جغرافية وسياسية واحدة ينبغي إخضاعها. والأمثلة على تعامل الغرب الاستعماري مع منطقتنا كساحة واحدة أكثر من تحصى، ابتداءً من التدخلات العسكرية والتحالفات العدوانية، وصولاً لمحاولات تقسيم المجتمعات على أسس طائفية وعرقية وقومية لضمان الهيمنة الدائمة.

وبالتالي، فإن الشعوب المقاومة لم يكن أمامها خيار سوى الرد بالمثل، أي التنسيق بين ساحات المقاومة وتجاوز الحدود المصطنعة التي فرضتها القوى الاستعمارية. هذا الرد هو تعبير طبيعي عن إيمان المنطقة بأن الصراع مع المشروع الصهيوني والإمبريالي هو صراع شامل، وبأن هذا المشروع لا يستهدف جبهة دون أخرى.

وعليه، تدرك أطراف «وحدة الساحات» أن الكيان ليس مجرد مشكلة فلسطينية أو لبنانية، بل هو رأس الحربة لمشروع استعماري يستهدف المنطقة بأسرها، وبالتالي فإن الدعم الإيراني لحزب الله أو الفصائل الفلسطينية هو جزء من مواجهة هذا المشروع، وهو أولاً وقبل أي شيء دفاع مباشر عن المصالح الوطنية الإيرانية ذاتها.

لا يهاجم الكيان فصيلاً معيناً أو دولةً بعينها، بل يهاجم أية بوادر للتحرر أو المقاومة في المنطقة بأسرها، وبالتالي فإن الدفاع عن هذه الأرض وعن حقوق الشعوب يتطلب بشكل بديهي وحدةً وتنسيقاً في المقاومة على مستوى الساحات كافة.