من السويداء إلى إدلب واعزاز وعفرين... لا مخرج إلا بحلٍ شامل
عماد الطحان عماد الطحان

من السويداء إلى إدلب واعزاز وعفرين... لا مخرج إلا بحلٍ شامل

خلال الأيام الأخيرة شهدت مدينة السويداء توتراً أمنياً مؤقتاً واشتباكات على خلفية البدء بإنشاء حاجز أمني جديد عند مدخل المدينة ورفض فصائل محلية لذلك.

كذلك، فقد جرت مواجهات واشتباكات في الشمال الغربي السوري على خلفية الاعتداءات العنصرية التي وقع تحت عسفها لاجئون سوريون في عدة مدن في الجنوب التركي وخاصة في قيصري وغازي عنتاب، ومع أنّ الأمور هدأت قليلاً اليوم، إلا أنّ التوتر ما يزال مستمراً واحتمالات التصعيد مجدداً قائمة.
التفاصيل المتعلقة بكلٍ من «الحادثتين» كثيرة ومعقدة، ولا تخلو -كما هو الأمر مع معظم الأحداث في سورية- من تدخلات مباشرة وغير مباشرة من أطراف متعددة داخلية وخارجية.
ورغم أهمية التفاصيل والحيثيات التي دفعت لتفجير الوضع -وإنْ بشكلٍ غير كامل- في كلٍ من المنطقتين، إلا أنّ ما هو مهم أيضاً، والذي يجري تغييبه بشكلٍ متعمد في كثير من الأحيان، هو أنْ تتم قراءة الحادثتين ضمن سياقٍ واحد، وعدم الفصل بينهما بشكلٍ تعسفي وكأنهما حدثان يجريان في بلدين لا في بلد واحد.
إذا حاولنا توسيع فتحة البيكار للبحث عن التقاطعات والعوامل المشتركة بين الحدثين، لوجدنا أنّها تقاطعات كثيرة وجوهرية رغم التباين الشكلي في التفاصيل.
هنالك الوضع المأساوي الذي يعيشه السوريون في كل أنحاء سورية، والتردي المستمر لذلك الوضع، وهنالك سيطرة قوى الأمر الواقع التي لا هم لها سوى تكريسه وتضخيم ثرواتها وإعاقة أي عمل وطني للخروج بسورية من أزمتها.
إنّ النتيجة الأهم التي يمكن تسطيرها، ليس على أساس هاتين الحادثتين فقط، بل وعلى أساس جملة التوترات التي تجري في كل المناطق السورية، والتي تتصاعد من حين إلى آخر، هي أنّ حالة «الاستقرار الهش» التي تلت انتهاء الطور العنيف من الأزمة الذي انتهى تقريباً في أواسط عام 2019، قد استنفدت نفسها وأوشكت على الانتهاء.
ما يعني ضمناً، أنّ إنهاء الصراع العسكري الحاد عبر جملة من التسويات والتدخلات الخارجية، وإنْ استطاع إيقاف أو تخفيض سفك الدم السوري مؤقتاً، إلا أنه لن يضمن استمرار الهدوء بأي حالٍ من الأحوال... على العكس من ذلك، فإنه كلما طالت مرحلة «الاستقرار الهش» هذا، كلما تراكمت عوامل انفجار دموي لاحق، لتصح في حينه الحكمة السوداوية التي تقارن بين المتشائم والمتفائل، والتي يقوم فيها المتشائم إنّ أسوأ مما جرى لا يمكن أن يجري، في حين يقول المتفائل: هنالك دائماً ما هو أسوأ...
كل ذلك يعيدنا إلى الاستنتاج المركزي الذي ينبغي أن نخلص إليه كسوريين، وهو أنّ عدم البدء بحلٍ سياسي شامل على أساس القرار 2254 يعيد توحيد البلاد ويعيد السلطة للشعب السوري على امتداد الأرض السورية، لن يعني استمرار الوضع المتردي فحسب، بل وسيفتح المجال لانفجار شاملٍ جديد...