روسيا - الصين: «أفضل فترة في التاريخ»

روسيا - الصين: «أفضل فترة في التاريخ»

عقدت محادثات بين الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، والرئيس الصيني شي جين بينغ في بكين، في 16 أيار الجاري بمناسبة الذكرى الـ75 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين روسيا والصين. حيث وصل بوتين إلى العاصمة الصينية بزيارة استمرت يومين، وهي الزيارة الخارجية الأولى له بعد الانتخابات الرئاسية وحفل التنصيب في 7 أيار، وهي إشارة عادةً إلى التوجه الاستراتيجي للرئيس المنتخب، وهو ما فعله الرئيس الصيني أيضاً عند إعادة انتخابه من خلال توجهه إلى روسيا كوجهة أولى له.

في نهاية القمة، وقع الرئيسان بياناً مشتركاً تضمن تركيزاً على السياسة الخارجية، والتعاون العسكري والطاقوي والاقتصادي، وتحدث كلاهما عن «خطط للمستقبل المتعدد الأقطاب للعالم»، ما دفع العديد من المحللين للتأكيد على أن اللقاء يحمل طابعاً عالمياً على طريق تغيير النظام العالمي الحالي القائم على الهيمنة الغربية.

مراعاة مصالح جميع الدول

ما تفعله روسيا والصين بشكل مشترك يهدف في المقام الأول إلى ضمان الاستقرار وعلاقات الشراكة المتساوية بين جميع دول العالم. ويشير البيان المشترك في بداياته إلى أن العلاقات بين البلدين «تمر الآن بأفضل فترة في التاريخ».

وأكد الجانبان على سعيهما لبناء «شراكة طويلة الأمد وشاملة، بدلاً من التحالفات المؤقتة التي تهدف إلى زعزعة استقرار الدول الأخرى». وأن «التعاون بين البلدين ذو طبيعة شاملة، وتدرك الصين وروسيا أن هذه العلاقات هي التي يمكن أن تحقق عالماً منسجماً وعادلاً في المستقبل».

مقاومة الهيمنة

أشار الرئيسان إلى زيادة الضغط الاقتصادي من منظومة الغرب، الذي يستمر في محاربة اللاعبين الجيوسياسيين العالميين لتحقيق مصالحه الخاصة. ولفتا بشكلٍ خاص إلى سياسة مصادرة أصول وممتلكات الدول الأخرى.

وعلى نحو صريح، عبر البيان المشترك عن عزم الدولتين «اتخاذ إجراءات مضادة لمصادرة أصول الدول غير الصديقة».

وتم إيلاء اهتمام للتغييرات التي ينبغي إنجازها لإعادة الاعتبار للقانون الدولي في البيان المشترك. حيث أدانت الصين وروسيا الإجراءات التي تُتخذ بشكل يتجاوز مجلس الأمن الدولي، والتي تنتهك ميثاق الأمم المتحدة وتعرقل الوصول إلى العدالة. وذُكرت أمثلة عديدة على ذلك، مثل قرار روسيا لمكافحة الفاشية، الذي تطرحه موسكو سنوياً في الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي لا تدعمه الولايات المتحدة وأوكرانيا والعديد من الدول الأوروبية واليابان وأستراليا.

القضية الأوكرانية والوضع في تايوان

وكان حل الصراع في أوكرانيا أحد أهم القضايا في المفاوضات الثنائية بين الجانبين. حيث عبرت الصين عن دعمها لجهود روسيا لضمان الأمن والاستقرار والتنمية الوطنية والازدهار والسيادة والسلامة الإقليمية، وأعربت عن معارضتها التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية لروسيا.

في المقابل، شدد الجانب الروسي على ضرورة احترام مبدأ «صين واحدة»، وأعاد التأكيد على اعتباره تايوان جزءاً لا يتجزأ من الصين.

الأمن العالمي

بالنسبة لكلا البلدين، من المهم «ليس فقط وقف النزاع في أوكرانيا وضمان أمن أراضيها، ولكن أيضاً منع التصعيد المستقبلي مع الدول الغربية، التي تستعد علناً للحرب. والخطر الأكبر هنا ليس فقط في احتمال مواجهة مسلحة عالمية، ولكن في خطر الحرب النووية».

في هذا الجانب، أكدت الدولتان أنهما لا ترحبان باستخدام الأسلحة النووية، ولكنهما تؤكدان أن الدول النووية يجب ألا تنتهك المصالح الحيوية لبعضها بعضاً، خاصة من خلال توسيع التحالفات العسكرية وإنشاء قواعد عسكرية بالقرب من حدود الدول النووية الأخرى.

وأكد البيان على أن منع المواجهة النووية «يعتمد بشكل كبير على الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا». وإذا تجاهلت هذه الدول التحذيرات من أن روسيا قد تلجأ إلى ضربة نووية وقائية في حال تهديد سيادتها، فقد يؤدي ذلك إلى تصعيد النزاع.

وذكّر الجانبان بمشروعهما المشترك في عام 2008، عندما قدمت روسيا والصين مشروع معاهدة لمنع نشر الأسلحة في الفضاء، واستخدام القوة أو التهديد بالقوة ضد الأجسام الفضائية في مؤتمر نزع السلاح في جنيف، وحظي المشروع بدعم معظم الدول، لكن الولايات المتحدة عارضته.

أرقام وإحصاءات جديدة

فيما يلي بعض التصريحات والأرقام المهمة التي جاءت في البيان الختامي، وفي تصريحات الرئيسين والمسؤولين المشاركين من كلا البلدين:

  • ناقش الرئيسان خطوات ملموسة لضرورة التوصل إلى «تسوية فورية» وحل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين وبما يتماشى مع قرار الأمم المتحدة.
  • في العام الماضي 2023، زادت التجارة بين الصين وروسيا بنسبة تقارب 2.7% مقارنة بما كانت عليه قبل عشر سنوات. وتجاوزت التجارة الثنائية اليوم 240 مليار دولار.
  • نمت الصادرات الغذائية الروسية إلى السوق الصينية، وارتفعت بنسبة تزيد على 50% لتصل إلى 7.6 مليار دولار. وبشكل عام، نمت التجارة الثنائية في المنتجات الزراعية بنسبة 40%، ليصل مجموعها إلى 9.7 مليار دولار. وهناك دلائل قوية على أن هذا القطاع التجاري سيستمر في التوسع بشكل أكبر.
  • يوجد حالياً ما يزيد على 80 مشروعاً تبلغ قيمتها نحو 200 مليار دولار قيد التنفيذ أو قيد الإعداد للتنفيذ من خلال اللجنة الحكومية المشتركة.
  • في الوقت الحالي، يشكل الروبل واليوان أكثر من 90% من المعاملات التجارية الروسية الصينية، وتتزايد هذه النسبة بشكل مطرد. و«يشير هذا الاتجاه إلى أن تجارتنا واستثماراتنا المتبادلة محمية بشكل آمن من تأثير الدول الثالثة والتطورات السلبية في أسواق العملات العالمية».
  • بوتين: اعتماد الدولار كعملة عالمية أعطى الاقتصاد الأمريكي والنظام المالي ميزات لا يمكن قبولها. ووفقاً لخبراء الاقتصاد لدينا، فإن هناك أكثر من 10 تريليونات دولار لم يتم اكتسابها من جانب الولايات المتحدة ولكنها «هدية من السماء» تأتي فقط من استخدام الدولار كعملة احتياطية عالمية. وبشكل عام، تقدّر التزامات النظام المالي الأمريكي تجاه بقية العالم بنحو 53.4 تريليون دولار.