"الاستبسال" الأمريكي في فرض "قيم" الدفاع عن العملاء الأجانب بالقوة على جورجيا
ليس هناك أوضح من تصريحات العقيد الأمريكي لورانس ويلكرسون الذي قال إن استخبارات بلاده تسعى إلى صرف انتباه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن أوكرانيا بإحداث "ثورة ملونة" جديدة في جورجيا.
وأضاف ويلكرسون في مقابلة مع قناة "ديالوغ ووركس" على "يوتيوب": "الاضطرابات في جورجيا يتم تنسيقها في الاستخبارات الأمريكية. نحن نحاول صرف انتباه بوتين عن أوكرانيا بإثارة الفوضى في مناطق أخرى بالعالم، وجورجيا إحدى هذه المناطق".
ولفت ويلكرسون إلى أن العديد من المسؤولين في جورجيا لديهم علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة.
وكانت العاصمة الجورجية تبليسي قد شهدت احتجاجات حاشدة، بعدما أقر برلمان البلاد، في 7 آذار 2023، مشروع قانون الوكلاء الأجانب في قراءة أولى. واستخدمت قوى الأمن الجورجية لتفريق المتظاهرين الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه.
وبحسب وزارة الداخلية الجورجية، تم اعتقال 133 شخصاً في الفترة من 7 إلى 8 آذار 2023. وفي وقت لاحق، سحبت السلطات الجورجية مشروع القانون من البرلمان.
وقدم حزب "الحلم الجورجي" الحاكم مجدداً، في أوائل شهر نيسان الماضي، مشروع قانون إلى البرلمان الجورجي بشأن الوكلاء الأجانب بعنوان "شفافية النفوذ الأجنبي".
ويدعو مشروع القانون الذي اقترحه حزب الحلم الجورجي الحاكم، لاعتبار وسائل الإعلام والمنظمات غير التجارية "خاضعة لنفوذ أجنبي" إذا تلقت أكثر من 20% من تمويلها من الخارج.
وعارض مشروع القانون كل من رئيسة البلاد سالومي زورابيشفيلي والمعارضة وكذلك بعض البعثات الدبلوماسية، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والناتو ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا ومجلس أوروبا. ووفقاً لمعارضي المبادرة، فإن مشروع القانون سيعيق اندماج جورجيا في الاتحاد الأوروبي.
فيما انتهت جولة جديدة من الاحتجاجات على قانون "التأثير الأجنبي" المثير للجدل في الثاني من أيار الجاري بعدما صوت المشرعون بغالبية 83 صوتاً مقابل 23 لاعتماد مشروع القانون في قراءة ثانية.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر إن جورجيا "تخاطر باحتمالات انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي" بسبب خطابها "المناهض للغرب" ومشروع قانون "العملاء الأجانب".
وقال ميلر في بيان له إن "تصريحات الحكومة الجورجية وأفعالها لا تتفق مع «القيم الديمقراطية» التي تقوم عليها عضوية الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي وتعرض طريق جورجيا نحو التكامل الأوروبي الأطلسي للخطر".
ووفقاً للبيان، فإن الولايات المتحدة تقدم المساعدة الاقتصادية لجورجيا منذ 32 عاماً، لكن تبليسي "تصور هذه المساعدة بشكل خاطئ مما يقوضها".
وأعرب ميلر على إدانة الولايات المتحدة لاستخدام القوة ضد المتظاهرين، مدعياً أن القانون المثير للجدل "مستوحى" من موسكو.
من جانبها، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين إنها تتابع الوضع في جورجيا "بقلق بالغ"، ودانت عبر منصة "إكس" "العنف في شوارع تبليسي"، مشددة على أن "الشعب الجورجي يريد مستقبلاً أوروبياً لبلاده"، وأن "جورجيا على تقاطع طرق، ويجب أن تبقى على مسار الطريق نحو أوروبا".
لا يتوافق مع «القيم الأمريكية»
وفي وقت سابق، هدد مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الأوروبية والأوراسية، جيمس أوبراين، جورجيا بفرض عقوبات إذا تم تقويض "الديمقراطية".
بدوره أشار نائب السكرتير الصحفي للخارجية الأمريكية فيدانت باتيل إلى أن جورجيا يجب أن تتخلى عن المسار الذي تم اختياره في سياق هذا القانون، لأن "النهج الحالي لا يتوافق مع "القيم الأمريكية".
ورداً على التهديد بعقوبات أمريكية على جورجيا قال رئيس الوزراء الجورجي إيراكلي كوباخيدزه في الرابع عشر من هذا الشهر إن الحديث عن احتمال فرض الولايات المتحدة عقوبات على بلاده غير جدي وسيؤدي إلى نتائج عكسية.
هذا ووافق البرلمان الجورجي في جلسة عامة يوم الرابع عشر من أيار بأغلبية الأصوات في القراءة الثالثة والأخيرة على مشروع قانون "العملاء الأجانب".
وتم تبني القانون بالرغم من عراك وقع بين بعض النواب في أثناء النظر في مشروع هذا القانون.
فيما شارك وزراء خارجية 3 دول من الناتو وهي ليتوانيا وإستونيا وآيسلندا في احتجاجات السادس عشر من هذا الشهر، وأثار تصرف الوزراء الثلاثة، امتعاض السلطات الجورجية. وصف رئيس حزب "الحلم الجورجي الديمقراطي" الحاكم إيراكلي غاريباشفيلي مشاركة وزراء الخارجية في احتجاجات تبليسي بأنها تدخل صارخ في الشؤون الداخلية للبلاد.
وفي تصعيد إضافي استخدمت رئيسة جورجيا سالومي زورابيشفيلي، حق النقض ضد قانون "التأثير الأجنبي".
في حين رجحت صحيفة بوليتيكو في عددها الصادر في 20 أيار الجاري أن يقدم الكونغرس الأمريكي خلال هذا الأسبوع، مشروع قانون لفرض عقوبات على سياسيين جورجيين يتحملون مسؤولية إقرار قانون العملاء الأجانب.
وهدد الاتحاد الأوروبي في الثاني والعشرين من أيار بأنه سيحرم جورجيا من وضع المرشح للانضمام إلى الاتحاد إذا لم تتخل سلطات البلاد عن قانون (العملاء الأجانب)، بحسب ما ذكرت صحيفة "فورين بوليسي". وفي اليوم ذاته أعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يخططان لاتخاذ إجراءات ضد جورجيا بسبب مشروع قانون "العملاء الأجانب".
وضمن سلسلة التهديدات المتصاعدة صرح رئيس الوزراء الجورجي إيراكلي كوباخيدزه أن مفوضاً أوروبياً هدده بمصير رئيس وزراء سلوفاكيا روبرت فيتسو الذي تعرض لمحاولة اغتيال مؤخرا وذلك على خلفية مشروع قانون "العملاء الأجانب".
وأعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في الرابع والعشرين من هذا الشهر، أن الولايات المتحدة بدأت مراجعة شاملة للتعاون الثنائي مع جورجيا على خلفية قانون العملاء الأجانب.