فورين بوليسي: القوات الأمريكية على وشك الانسحاب من سورية

فورين بوليسي: القوات الأمريكية على وشك الانسحاب من سورية

نشرت صحيفة السياسة الخارجية الأمريكية (فورين بوليسي) مقالاً أمس الأربعاء 24 كانون الثاني 2024 كشفت فيه أنه تجري الآن داخل الولايات المتحدة "مناقشات داخلية نشطة لتحديد كيف ومتى يمكن أن يتم انسحاب القوات الأمريكية من سورية".

ترجمة وإعداد: قاسيون

وبحسب المقال - الذي اطلعت عليه وترجمته "قاسيون" وتعرض أدناه أبرز ما جاء فيه - فإنه "لم يتم اتخاذ قرار نهائي بالمغادرة، ولكن قالت أربعة مصادر داخل وزارتي الدفاع والخارجية إن البيت الأبيض لم يعد مهتمًا بمواصلة المهمة التي يرى أنها غير ضرورية".

ووضعت الصحيفة الأمريكية التطور في سياق "بلوغ التوترات والأعمال العدائية في مختلف أنحاء الشرق الأوسط ذروتها" بعد حرب غزة.

وقالت إنه "مع ظهور مثل هذه الأزمة الإقليمية المعقدة، لا ينبغي أن يكون من المفاجئ أن تعيد إدارة بايدن النظر في أولوياتها العسكرية في المنطقة".

واستفاضت الصحيفة الأمريكية في معظم مساحة مقالها في وصف "الأهوال" التي اعتبرت أنها قد تنجم عن انسحاب قوات الاحتلال الأمريكي من سورية، مركزة بشكل خاص على إعادة تفعيل أوسع لتنظيم داعش الإرهابي، الذي من المعروف جيداً أن واشنطن تستثمر فيه، ومنذ إنشائه، في سورية والعراق بشكل خاص. وقالت الصحيفة إن أنشطة تنظيم الدولة "قد لا تتصدر عناوين وسائل الإعلام، لكنها تمثل المكونات الأساسية لتمرد إرهابي مرن ومتجذر بعمق".

فزعمت صحيفة السياسة الخارجية الأمريكية بأن الانسحاب سيكون "هدية لداعش" وهو التنظيم الذي لطالما استثمرت فيه واشنطن لإدامة الفوضى في المنطقة.

وأضافت الصحيفة: "وعلى الرغم من ضعف التنظيم بشكل كبير، إلا أنه في الواقع مهيأ للظهور من جديد في سورية، إذا أتيحت له المساحة للقيام بذلك".

ووصفت الصحيفة الانسحاب الأمريكي من سورية بأنه سيكون له "تأثير كارثي" قد يخلفه "على نفوذ الولايات المتحدة وحلفائها في الأزمة التي لم يتم حلها والمتقلبة بشدة في سورية".

ووصفت الصحيفة الوضع في سورية مقارنة بالعراق بأنه أكثر تعقيداً وأنه يوجد ما يقرب من 900 جندي على الأرض، زعمت بأن دور جنود الاحتلال هؤلاء هو "احتواء وتثبيط تمرد تنظيم الدولة الإسلامية المستمر في شمال شرق سورية"، إضافة إلى "العمل جنبًا إلى جنب مع شركائها المحليين، قوات سورية الديمقراطية".

وقالت الصحيفة إنه "في وقت مبكر من يوم 16 كانون الثاني/يناير، شن تنظيم الدولة الإسلامية هجوماً صاروخياً على سجن تديره قوات سورية الديمقراطية يضم ما يصل إلى 5000 سجين من تنظيم الدولة الإسلامية، مما أدى إلى محاولة هروب جماعية".

وزعمت الصحيفة بأن "الانتشار الأمريكي يلعب أيضًا دورًا حيويًا في تحقيق الاستقرار في المنطقة التي يتم فيها احتجاز 10000 من مقاتلي داعش المتمرسين في القتال داخل ما لا يقل عن 20 سجنًا مؤقتًا، كما يتم احتجاز 50000 آخرين من النساء والأطفال المرتبطين بهم في معسكرات آمنة".

بالمقابل اعتبرت فورين بوليسي "الوضع أكثر إثارة للقلق بالنسبة للغرب - على الجانب الآخر من نهر الفرات، حيث يسيطر النظام السوري، على الأقل على الورق... في هذه المساحة الشاسعة من الصحراء، انخرط تنظيم الدولة الإسلامية في انتعاش بطيء ولكن منهجي، مستغلاً لامبالاة النظام وعجزه عن تحدي التمرد المتقلب القائم في الصحراء". وأضافت بأنه "في السنوات القليلة الماضية، أعادت الجماعة الإرهابية أيضًا تأسيس وجود عملياتي لها في درعا التي يسيطر عليها النظام في جنوب سورية، ووسعت بشكل ملحوظ حجم ونطاق وتعقيد عملياتها في جميع أنحاء الصحراء الوسطى، حيث استولت مؤقتًا على الأراضي المأهولة بالسكان، واستولت على الغاز واحتجزته. بالإضافة لممارسة ضغط كبير حول مدينة تدمر الاستراتيجية" بحسب ما ورد في مقال الصحيفة الأمريكية.

وبحسب مقال فورين بوليسي:  "على مدى السنوات العديدة الماضية، أخفى تنظيم الدولة الإسلامية عمدا مستوى عملياته في سورية، واختار باستمرار عدم إعلان مسؤوليته عن الهجمات التي كان ينفذها. ولكن، بسبب الحرب التي شنتها إسرائيل ضد حماس في غزة، بدأ تنظيم الدولة الإسلامية، للمرة الأولى، في الكشف عن مدى انتعاشه في سورية ليراها الجميع. يزدهر تنظيم داعش في ظل الفوضى وعدم اليقين، ولا يوجد نقص في ذلك في الشرق الأوسط هذه الأيام.
وكجزء من الحملة العالمية التي ينفذها التنظيم "اقتلوهم أينما وجدتموهم"، نفذت الجماعة 35 هجومًا وأعلنت مسؤوليتها عنها في سبع من محافظات سورية الأربع عشرة في الأيام العشرة الأولى من عام 2024، من أصل 100 هجوم في جميع أنحاء العالم. وفي حين أن تنظيم الدولة الإسلامية لا يزال بعيداً عما كان عليه في عامي 2013 و2014، إلا أن التنظيم يحتفظ بقدرات مثيرة للقلق، والكثير من الثقة، وشعور جديد بالزخم. إن الحرب في غزة والأزمة الإقليمية المتصاعدة تضيف الوقود إلى نارها وتخلق فرصًا للجماعة الإرهابية لاستغلال الوضع لمصلحتها الخاصة".

وزعمت صحيفة السياسة الخارجية الأمريكية بأن قوات الاحتلال الامريكي "هي الغراء الذي يجمع التحدي الوحيد الحقيقي لتنظيم الدولة الإسلامية داخل ثلث الأراضي السورية. وإذا اختفى هذا الصمغ، فسوف يكون من المؤكد حدوث عودة كبيرة في سورية، وانتشار زعزعة الاستقرار إلى العراق بشكل مؤكد."

وتابعت "وفي كثير من النواحي، يشكل العراق أهمية أساسية، حيث يقع المقر الرئيسي للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية على الأراضي العراقية".

وفي إشارة لضربات المقاومة العراقية التي تتلقاها قوات الاحتلال الأمريكي في المنطقة قالت فورين بوليسي: "وسط أعمال عدائية غير مسبوقة بين وكلاء إيران والقوات الأمريكية في العراق، مع عودة الضربات الأمريكية الانتقامية إلى بغداد واستهداف الصواريخ الباليستية الإيرانية الصنع القوات الأمريكية على الأراضي العراقية، يتزايد الضغط بسرعة داخل النظام السياسي العراقي لإجبار القوات الأمريكية على الانسحاب من العراق".

وتابعت: "مع مطالبة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني علناً الآن بالانسحاب الأميركي من بلاده، يظل هناك بعض الأمل في أن يؤدي الوجود العسكري الأميركي في كردستان العراق إلى دعم العمليات ضد تنظيم الدولة الإسلامية، بما في ذلك في سورية المجاورة. وقد يفسر هذا سبب قيام وكلاء إيران باستهداف القوات الأمريكية المتمركزة في مطار أربيل الدولي بشكل متكرر في الأسابيع الأخيرة.
ومع ذلك، فإن نقل التنسيق ضد تنظيم الدولة الإسلامية من بغداد إلى أربيل من شأنه أن يؤدي إلى تعقيداته الخاصة، مما يزيد من حدة التوترات بين الأكراد، بين حكومة مسعود بارزاني الإقليمية وإدارة قوات سورية الديمقراطية المرتبطة بحزب العمال الكردستاني في شمال شرق سورية، مما قد يؤدي على الأرجح إلى تدخل تركي غير مؤاتٍ. وبتشجيع من الشعور بالنصر في العراق، فإن إيران ووكلائها في هذا السيناريو سوف يكثفون بلا شك هجماتهم على القوات الأمريكية في سورية، سعياً لانسحابها أيضاً".

وفي أواخر مقالها أعربت فورين بوليسي عن الموقف التالي: "في نهاية المطاف، وضعت الأحداث منذ تشرين الأول/أكتوبر الانتشار الأمريكي في شمال شرق سورية على خيط متهالك - ومن هنا جاء النظر الداخلي الأخير في الانسحاب من سورية. ونظرا للعواقب الكارثية المترتبة على الخروج المتسرع من أفغانستان في عام 2021 والانتخابات الأمريكية الوشيكة في وقت لاحق من هذا العام، فمن الصعب أن نفهم لماذا تفكر إدارة بايدن في الانسحاب من سورية".

وكررت الصحيفة التعبير عن موقف أمريكي يلوّح بتهديدات داعش فقالت:

"بغض النظر عن كيفية إجراء مثل هذا الانسحاب، فإنه سيؤدي إلى الفوضى وزيادة سريعة في التهديدات الإرهابية. ولكن ليس هناك من ينكر الشعور الواضح في دوائر السياسة بأن هذا الأمر [سحب القوات الأمريكية] قيد النظر بنشاط ــ وأنه تم قبوله باعتباره حتمية في نهاية المطاف".

وأضافت "يقترح البعض داخل الحكومة الأمريكية حاليًا ترتيبًا تعاونيًا بين قوات سورية الديمقراطية والنظام السوري لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية كمسار واضح نحو الانسحاب الأمريكي". وزعمت الصحيفة أن ذلك سيكون "بمثابة نعمة هائلة لتنظيم الدولة الإسلامية"، وأنه "ببساطة مستحيل بشروطه الخاصة، وقد يكون لجزء من قوات سورية الديمقراطية اتصالات دورية مع نظام الأسد، لكنهم بعيدون عن أن يكونوا حلفاء طبيعيين. ولن يسمح النظام أبداً لقوات سورية الديمقراطية بالحفاظ على نفسها، وستبذل تركيا كل ما في وسعها لقتل ما تبقى" بحسب الموقف الذي أعربت عنه الصحيفة.

آخر تعديل على الإثنين, 05 آب/أغسطس 2024 10:45