كامب ديفيد ناتو ثلاثي جديد يستهدف الصين
فيما كانت الولايات المتحدة تحضر لقمتها الثلاثية مع كوريا الجنوبية واليابان المستهدفة لخلق بيئة سلبية متوترة حول الصين، كانت كوريا الشمالية تحضر لتجربة صاروخ باليستي عابر للقارات تزامنا مع القمة، في رد على المناورات العسكرية المشتركة للولايات المتحدة وكوريا الجنوبية.
إذ استقبل الرئيس الأمريكي جو بايدن في الثامن عشر من الشهر الحالي الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول ورئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا في مقر إقامته الريفي في كامب ديفيد لمناقشة جهودهم المشتركة ل"ردع" الصين وكوريا الشمالية، وأعلنوا في بيان مشترك، عزمهم إجراء مناورات عسكرية ضخمة بشكل سنوي، مؤكدين انفتاحهم على الحوار مع كوريا الشمالية.
كما أعرب قادة الدول، عن استعدادهم لفرض عقوبات منسقة ضد روسيا وتقليل الاعتماد على مواردها من الطاقة مع الاستمرار في دعم أوكرانيا.
دانت الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية، في البيان المشترك ، ما قالت إنه "سلوك خطير وعدواني" للصين و"مطالبها البحرية غير القانونية" في بحر الصين الجنوبي. ويأتي هذا البيان المشترك، وسط توترات بين بكين والفلبين حول جزر مرجانية متنازع عليها.
وأكد بايدن خلال الافتتاح: "بلداننا أقوى وسيكون العالم أكثر أمناً ونحن نقف معاً". وأضاف مخاطبا يون سوك يول وفوميو كيشيدا فيما وصفه بـ"القمة المستقلة الأولى للدول الثلاث"، "أود أن أشكركما كليكما على شجاعتكما السياسية التي أتت بكما إلى هنا". في حين أكد كل من يون وكيشيدا على تاريخية هذا اللقاء.
ووافقت الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية على تعهد أمني جديد يلزم الدول الثلاث بالتشاور مع بعضها البعض في حالة حدوث أزمة أمنية أو تهديد في المحيط الهادئ، كما ظهرت تفاصيل حول التزام "واجب التشاور" الجديد مع انطلاق القمة. ويهدف تعهد "واجب التشاور" إلى الاعتراف بأن الدول الثلاث تشترك في "بيئات أمنية مترابطة بشكل أساسي" وأن تهديد إحدى الدول هو "تهديد للجميع".
وانتقدت الصين القمة، حيث صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ وين بين، بأن "المجتمع الدولي لديه حكمه الخاص على من يخلق التناقضات ويزيد التوترات".
وقال وانغ: "إن محاولات تشكيل مجموعات وعصابات حصرية مختلفة وإحداث مواجهة تكتلية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ لا تحظى بشعبية وستؤدي بالتأكيد إلى اليقظة والمعارضة في دول المنطقة".
وقال في مؤتمر صحفي، إنه لا ينبغي لأي دولة أن تسعى لأمنها على حساب المصالح الأمنية للدول الأخرى وكذلك السلام والاستقرار الإقليميين.
وأضاف المتحدث: "في عالم يسوده التغيير والاضطراب على الجبهة الأمنية، يتعين على جميع الأطراف العمل على أساس رؤية مجتمع الأمن المشترك للبشرية، وممارسة التعددية الحقيقية، والتصدي المشترك لمختلف التحديات الأمنية". وصرح بأن منطقة آسيا والمحيط الهادئ هي دعامة للسلام والتنمية وأرض واعدة للتعاون والنمو.
وشدد على أنه لا ينبغي أبدا تحويلها إلى ساحة مصارعة للمنافسة الجيوسياسية مرة أخرى.
وفي تصريحات سابقة له، قال الوزير يي إن الولايات المتحدة تسعى إلى تقويض الاستقرار في بحر الصين الجنوبي من أجل تحقيق مصالحها الجيوسياسية.
ورد جاك سوليفان مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض على المخاوف الصينية بالقول: "من الواضح أنها ليست منظمة حلف شمال الأطلسي من أجل المحيط الهادئ... هذه الشراكة ليست ضد أحد... إنها من أجل شيء ما... إنه من أجل رؤية منطقة المحيطين الهندي والهادئ تكون حرة ومنفتحة وآمنة ومزدهرة".
وأكد وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن أن الاتفاقيات التي أبرمتها الدول الثلاث ستعمل على تعزيز الالتزامات المشتركة لمواجهة التحديات، من خلال الالتزام بإطار عمل ثلاثي متعدد السنوات يتضمن تدريبات ثلاثية سنوية متعددة المجالات، وتفعيل آلية مشاركة البيانات لتبادل حقيقي لبيانات التحذير من الصواريخ الزمنية التي ستعمل على تحسين الاكتشاف والتقييم المتبادل لإطلاق صواريخ كوريا الشمالية والاستفادة من خطوط الاتصالات الآمنة الحالية مع الاستمرار في بناء قنوات الاتصال الخاصة بنا وإضفاء الطابع المؤسسي عليها.
وقد كتبت غلوبال تايمز، الناطقة باسم الحزب الشيوعي الصيني، أن لقاء كامب ديفيد يهدف إلى تشكيل "ناتو مصغر". سيكون لهذا تأثير مدمر على المنطقة ويؤدي إلى صراعات جديدة في شرق آسيا.
وقال الأستاذ في جامعة الصين للعلاقات الدولية، لي هايدونغ: "إن آلية الناتو المصغرة تلعب على القلق الناجم عن التهديدات النووية والصاروخية التي نشأت في شبه الجزيرة الكورية. لكن المثلث لا يريد حل هذه المشكلة. على العكس من ذلك، تريد الولايات المتحدة استخدام هذا الخطر الحقيقي لتعزيز دورها المهيمن في المنطقة".
وفي هذا الصدد، قال رئيس قسم كوريا ومنغوليا بمعهد الدراسات الشرقية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، ألكسندر فورونتسوف: "تحدث السياسيون عن هذا المثلث من قبل. لكن العنصر العسكري كان ضعيفاً وفي ظل حكم بايدن ويون، بدأ التعاون العسكري يتطور بوتائر سريعة. أصبحت التدريبات البحرية منتظمة. الهدف، في رأيي، هو تشكيل تحالف عسكري سياسي.
وفي الصدد، قال الأستاذ في جامعة صوفيا بطوكيو ناكانو كويتشي: "إضفاء صبغة الناتو على العلاقات بين الولايات المتحدة واليابان وجمهورية كوريا لن يؤدي إلا إلى مزيد من التقارب بين الصين وروسيا وكوريا الديمقراطية. من الواضح أن المنطق الأمني للتحالف سيقابل باستراتيجية مشابهة من قبل" الأعداء المعنيين".
وأصدر وزير دفاع كوريا الشمالية، بياناً عقب القمة وجاء في البيان: "لقد سلط المؤتمر الأخير الضوء على نية الولايات المتحدة الشريرة المتمثلة في فرض حصار كبير على الصين وروسيا، من خلال تقييد أيدي وأقدام اليابان وكوريا الجنوبية بإحكام، وهو الدرع الأساسية لتحقيق طموحها الجشع للسيطرة على العالم، من أجل نسخة آسيوية من حلف الناتو". وأكد أن كوريا الشمالية "ستتخذ بحزم الرد المسلح الساحق والاستباقي، وتضاعف صداقتها العسكرية وتضامنها مع روسيا".
إن محاولات الولايات المتحدة خلق أجواء متوترة حول الصين، في استعداء لعدد من الدول تجاه الصين لخلق بيئة غير مناسبة حولها، من خلال تحريض بعض الدول لتأخذ مواقف سلبية من الصين، من أجل كبح تطور الصينيين واستنزافهم ومنعهم من منافسة الأمريكان، وإيجاد وضع غير مستقر حول الصين تمهيداً لنقله إلى الداخل الصيني، كل هذه المحاولات تلقى مقاومة صينية واضحة تتمثل في الردود الصينية على الإعلان السافر للنوايا من خلال قمة كامب ديفيد تلك رغم كل الإنكارات الأمريكية لنواياها.