بايدن في الخليج: أربعة أكاذيب معلنة، وحقيقة واحدة مخفية
تجمع معظم وسائل الإعلام، وخاصة الأمريكية، على تقديم أربعة «أهداف» مأمولة أمريكياً، من زيارة بايدن للسعودية التي ستبدأ بعد أيام قليلة وسيجتمع خلالها مع عدد من الزعماء والرؤساء العرب:
أولاً: الأمل في أن يقنع بايدن نظراءه بالانضمام إلى العقوبات الغربية على روسيا.
ثانياً: الأمل في أن يتمكن بايدن من الوصول إلى اتفاق يسمح بزيادة إنتاج النفط بكميات كبيرة، بين مليون ومليوني برميل إضافي يومياً.
ثالثاً: الدفع نحو تطبيع علني بين «إسرائيل» والسعودية.
رابعاً: العمل لإنشاء نمط ما من التعاون العسكري يجمع «إسرائيل» مع دول عربية بينها السعودية والإمارات ومصر، وتحت ذريعة «التصدي للخطر الإيراني».
يعلم بايدن وتعلم إدارته أنّ أياً من هذه الأهداف المعلنة لن يتحقق، فليس هنالك أي احتمال لانضمام دول الخليج أو مصر للعقوبات على روسيا، خاصة في ظل تصاعد التعاون الاقتصادي المتبادل، بما في ذلك في مشاريع بنية تحتية ضخمة، بعضها جرى توقيعه بعد اشتعال الأزمة الأوكرانية.
كما أنّ الزيادة المفترضة في النفط لن تتجاوز في أحسن الأحوال بضع مئات من آلاف البراميل بأحسن الأحوال. كذلك فإنّ التطبيع أو إنشاء أي نمط من التحالف العسكري مع «إسرائيل» ضد إيران، ومن باب براغماتي صرف، هو عملية توريط علنية في ظل الحوار الجاري أساساً مع إيران، ويصعب تخيل أن تنجح مثل هذه المحاولات بأي حال من الأحوال، خاصة مع المؤشرات المختلفة الرسمية وشبه الرسمية التي تصدر عن مصر ودول الخليج بهذا الاتجاه.
حقيقة واحدة
بكلام آخر، فإنّ إغراق وسائل الإعلام بالأهداف الأربعة السابقة، وهي أهداف غير قابلة للتحقيق، وإنْ تحقق منها شيء فسيكون جزئياً جدياً وأقل من المطلوب بكثير، هو عملياً، تضليل وتشويش على الحقيقة الجوهرية الوحيدة التي لا يتم ذكرها تقريباً...
نقصد بذلك، أنّ الهدف المركزي للولايات المتحدة من هذه الزيارة، هو وضع حد لتدهور العلاقات مع دول الخليج التي بدأ «حيادها» في الصراع الدولي، يبدو في الإطار العملي أكثر قرباً من روسيا والصين. ووضع حد لتدهور العلاقات، الغرض منه هو ألا تصل العلاقات إلى نقطة حرجة يجري عندها توجيه ضربة إضافية قاتلة للنظام العالمي القائم... المقصود تحديداً هو البترودولار... فلم يعد خافياً أنّ السعودية وغيرها من دول الخليج بدأت تناقش عبر الأقنية الخلفية وعبر وسائل الإعلام، احتمال الانتقال من البترودلار باتجاه التبادل بالعملات المحلية مع أكبر مشترٍ لنفطها وغازها: الصين.
الانتقال نحو سياسة من هذا النوع، لم تعد خارج نطاق الاحتمالات الممكنة، بل ومع كل تعمق لأزمات الغرب وأزمات الدولار، يصبح احتمالها أعلى فأعلى. والولايات المتحدة التي تخوض معركة بقاء هيمنتها، ليس بوارد تلقي ضربة بهذه الضخامة، على الأقل ضمن السنوات القليلة القادمة...
وإذاً، فالزيارة لا تسعى للضغط باتجاه التراجع عن سياسات تتبناها دول الخليج ومصر حالياً، بل تسعى للضغط على السياسات المستقبلية، في محاولة لمنعها من الذهاب باتجاه ضرب البترودلار.