تزايد شعبية الكلاسيكيات الماركسية في الصين (بطرق عصرية وجذابة)
يقرأ عدد متزايد من الناس الأدب الشيوعي، الذي يصل إلى القراء بأشكال جديدة، بفضل التقنيات المتطورة ووسائل الإعلام الحديثة. ونشر موقع «تشاينا ديلي» الصيني في 4 أيار الجاري، تقريراً لاحظ أنّ شعبية الكتب الكلاسيكية عن الماركسية آخذة في الازدياد في الصين. وسلط الضوء على طرق عصرية وجذابة ومبتكرة للتشجيع على قراءتها يلجأ إليها الناشطون والقراء عبر وسائل الاتصالات الحديثة والإنترنت، كما وتقدم الدولة والحزب الشيوعي الصيني تسهيلات ومبادرات في هذا المجال.
ترجمة وإعداد: قاسيون
أثناء الاحتفال باليوم العالمي السابع والعشرين للكتاب وحقوق المؤلف في 23 أبريل/نيسان من العام الجاري 2022، من المثير للاهتمام ملاحظة ازدياد عدد قراء الكتب الماركسية وهذا يحدث بعد تسعة أشهر فقط من احتفال الحزب الشيوعي الصيني بالذكرى المئوية لتأسيسه التي صادفت في 1 يوليو/تموز 2021.
الكلاسيكيات هي الأكثر مبيعًا
على موقع بيع الكتب المحلي، dangdang.com، نشر القراء رقمًا قياسيًا بلغ 120376 تعليقًا حول «رأس المال» لكارل ماركس.
ومن بين المعلّقين من كتب بأننا «بقراءة رأس المال نكتسب بصيرة عن العالم»، وكتب قراء آخرون كيف شكلوا مجموعة قراءة عبر الإنترنت مع أصدقائهم: كانوا يستيقظون في الساعة 6 صباحًا كلّ صباح، ويقرؤون الصفحات نفسها التي تم الاتفاق عليها مسبقًا، ثم يجرون مناقشات بعدها. وبهذه الطريقة، تمكنوا من إنهاء جميع المجلّدات الثلاثة لكتاب كارل مارس «رأس المال» في فترة تزيد قليلاً عن شهرين.
يحتل «رأس المال» أيضًا المرتبة 22 في قائمة الكتب المصنفة «فلسفية» أو «دينية» الأكثر شيوعًا في الصين، في حين أن 19 من الكتب الأكثر شيوعًا تقع ضمن فئة التفسيرات البسيطة والشائعة للكلاسيكيات الفلسفية. كما أن «رأس المال» هو واحد من اثنين فقط من الكلاسيكيات الفلسفية الأصلية من بين أفضل 30 كتابًا، والثاني هو كتاب «الجمهورية» لأفلاطون.
مأسسة القراءة وتنوع أشكال التقديم
على JD.com، بوابة التجارة الإلكترونية المحلية الرئيسية الأخرى التي تحتوي أيضًا على الكتب، هناك ما لا يقل عن 20 إصدارًا من «البيان الشيوعي». من حيث اللغة، هناك النسخ الصينية والإنكليزية والألمانية والفرنسية. فيما يتعلق بالمحتوى، هناك أول نسخة مترجمة من الكتاب في عام 1920، وطبعة رسوم متحركة، ونسخة أخرى برموز QR. حيث بمسح الرموز يتم نقل القارئ إلى الرسوم المتحركة ذات الصلة. من حيث الأسلوب، هناك إصدار خاص لطلبة الجامعة، ونسخة لموظفي الحكومة، ونسخة للأطفال.
كما اكتسبت شعبية أيضًا كلاسيكيات القادة الثوريين المحليين مثل ماو تسي تونغ، أحد مؤسسي جمهورية الصين الشعبية في عام 1937، وهو العام الذي شنت فيه القوات الإمبراطورية اليابانية غزوًا واسع النطاق للصين، كتب ماو مقالتين رئيسيتين، «في الممارسة» و«في التناقض»، ألقاهما كخطابات للحزب. وتم نشر المقالتين بشكل كتابين في عام 1952، ولفترة طويلة يُنظر إليهما على أنهما كتابان إرشاديان للفلسفة الماركسية.
بعد سبعين عامًا، أصبحا من أكثر الكتب مبيعًا مرة أخرى. فعلى موقع JD.com، تلقى الكتابان والدليلان المتعلقان بهذين المؤلفين لماو أكثر من 20000 تعليق من القراء. يقول أحدهم: «أسرعوا وسلّحوا عقولنا بحكمة عظيمة من الفلاسفة. لا يزالون ينيرون الطريق أمامنا اليوم».
قال هي جيان هوا، الأستاذ الذي يُجري بحثًا حول مؤلَّفي ماو هذين، إن الكتابين يواصلان تشكيل أفكار الناس اليوم، حيث يركزان على كيفية تحديد الجانب الرئيسي للمشكلة وكيفية حلّها. وقالت «الديالكتيك كمنهج لن يصبح شيئاً عفا عليه الزمن أبداً... إنه ينطبق على جميع الأوقات لمساعدة الناس على حل المشكلات».
مؤلفات حديثة وطرق جذابة
على موقع Duban.com، الإصدار الصيني المكافئ والأكبر من IMDb - والذي لا يصنف الأفلام فحسب، بل أيضًا الكتب والمسلسلات التلفزيونية وجميع أنواع المنتجات الثقافية - لطالما كانت هناك مجموعات من الأشخاص يقرؤون الكلاسيكيات الماركسية مثل رأس المال والبيان الشيوعي. ولكن على مدى السنوات الخمس الماضية، أصبحت الكتب حول فكر شي جين بينغ حول «الاشتراكية ذات الخصائص الصينية» لعصر جديد ذات شعبية متزايدة.
ومنذ نشره لأول مرة في عام 2014، تم بيع أكثر من 10 ملايين نسخة محليًا من «حكم الصين»The Governance of China. في الخارج، تمت ترجمته إلى أكثر من 10 لغات، تغطي أكثر من 170 دولة ومنطقة.
قالت ياو ليان، كبيرة مديري «بيبولز يونايتد بوكس»، وهي دار نشر محلية كبرى للعلوم الاجتماعية وتتبع للصحافة الشرقية، إن شعبية الكلاسيكيات الماركسية لم تكن لتتحقق لولا التحسن في الاستراتيجية في مجال قطاع النشر اليوم.
وقالت: «لتحقيق نجاح تجاري، يجب على المرء أن يحترم القرّاء ويتعرف على ما يريدون». وتابعت بأنه «حاليًا، غالبية القراء في السوق هم أولئك الذين من مواليد الثمانينيات فصاعداً، ولديهم خصائصهم الواضحة في اللغة وعلم الجمال. وساهم تحسين جودة الكتب، مثل وضع المزيد من الرسوم المتحركة وكتابة الكتب التمهيدية بطريقة فكاهية، في المساعدة في جعل الكلاسيكيات أكثر جاذبية للشباب، الذين يمثلون مجموعة القراء الرئيسية المستهدفة. ما نحتاجه هو جعل الشيء الصحيح أكثر تشويقًا وأكثر جاذبية للقراء في السوق»
كتب جديدة للبث المباشر!
مع ظهور وسائل الإعلام الجديدة، أصبح عدد متزايد من المؤسسات والأفراد يمارسون عادة تسجيل الفيديو لأنشطة القراءة الخاصة بهم ومشاركتها على تطبيقات مشاركة الفيديو القصيرة.
«بيلي-بيلي» Bilibiliهو أحد التطبيقات المحلية الرائدة لمشاركة مقاطع الفيديو القصيرة، يقوم ببث مقاطع فيديو مباشرة لأشخاص يقرؤون الكلاسيكيات الماركسية كل يوم تقريبًا. في حين أنّ معظم الكتب الأكثر مبيعًا هي كتب نظرية مثل «رأس المال» لماركس أو «في الممارسة» و «في التناقض» لماو تسي دونغ، فإنّ مواد القراءة على منصات البث المباشر تتضمن في الغالب قصصًا عن الأيام الثورية قبل عام 1949. في الفترة التي سبقت 5 أبريل، الذي كان مهرجان تشينغ-مينغ الذي اتسم بتقاليد «كنس قبور الأجداد»، وقراءة أعمال الشهداء ورسائلهم كانت رائجة.
من بين الأشياء التي تُقرأ على الإنترنت، الكلمات الأكثر شيوعًا هي كلمات لي داتشو، أحد الأعضاء المؤسسين للحزب الشيوعي الصيني الذي شنق من قبل أمراء الحرب في عام 1925. وهناك قول شهير له: «مستقبل الكرة الأرضية سيكون مليئًا بالأعلام الحمراء» جرى تداوله مؤخرًا في مقطع فيديو تلو الآخر.
الماركسية ومنهجها لحلّ المشكلات وبناء الاشتراكية
قال ليو جيا، الأستاذ المساعد في جامعة تسينغهوا، إنّ الشعبية المتزايدة للكلاسيكيات حول الماركسية تُظهر أنّ الحملة التعليمية للحزب حول التاريخ التي انطلقت في الذكرى المئوية لتأسيسه بحلول العام 2021 تصل إلى قلوب الناس. وقال «فقط عندما نعرف من أين أتينا، سنعرف بشكل أفضل إلى أين نتجه». «حقيقة أن المزيد من الناس يقرؤون الكلاسيكيات الماركسية هذه الأيام تظهر أنّ الناس يريدون معرفة جذورنا، وهذا بدوره يمنحهم مزيدًا من الثقة ومزيدًا من المعرفة حول بناء المجتمع. وسيكون ذلك أيضًا بمثابة قوة بنّاءة أساسية في التجديد العظيم للأمة الصينية».
قال ياو إنهم شهدوا زيادة ملحوظة في مبيعات الكلاسيكيات الماركسية في العامين الماضيين. يقول ياو إنّ النجاح التجاري للكلاسيكيات الماركسية لا ينبغي أن يُنظر إليه على أنه مجرد عملية لكسب المال. «حجم المبيعات هو مؤشر رئيسي لحماس الناس. حقيقة أن المزيد من الناس على استعداد لدفع ثمن الكتاب تقول أكثر من أي تصنيف أو دراسة استقصائية. إنها تعكس حب الناس لذلك الكتاب».
تحدث نيو شيان فنغ، الأستاذ في مدرسة الحزب التابعة للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، عن قراءة الكلاسيكيات الماركسية في محاضرة في مارس/آذار. قال «أنت بحاجة لقراءة النص الأصلي لفهم طبيعة الماركسية». «كدولة تعتبر الشيوعية فكرَها التوجيهي، تحتاجُ الصين إلى تعزيز تعليمها بين الطلاب، وتنظيمهم في قراءة النصوص الكلاسيكية هو ممارسة جيدة لتطبيق ذلك».
قال نيو: «يميل البعض إلى القول إن القراءات الكلاسيكية «قديمة» لكن هذا ليس صحيحًا». مضيفاً بأنها مثل الشعلة التي تضيء الطريق نحو المستقبل.
المصدر: chinadaily.com.cn