واشنطن - الرياض: العلاقة رهن التغيرات الجديدة

واشنطن - الرياض: العلاقة رهن التغيرات الجديدة

لا يخفى على أحد الشرخ الآخذ بالتوسّع بين الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية، بالتوازي مع تصاعد التطورات المرتبطة بالعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وهو ما يدفع عدداً متزايداً من الباحثين لإيلاء اهتمام لهذا النوع من التغيرات التي تتسارع في طبيعة العلاقة بين الجانبين.

اعتاد كثيرون النظر إلى العلاقات الأمريكية السعودية استناداً إلى واقع هذه العلاقات التي كانت مبنية على توازنات القرن الماضي، حيث كانت واشنطن تلعب دور «الضامن الرئيسي» لأمن السعودية منذ اتفاق كوينسي الذي أبرمه الرئيس الأمريكي، فرانكلين روزفلت، والملك عبد العزيز، على متن السفينة الأمريكية كوينسي في عام 1945، بينما كانت السعودية مضطرة إلى تنسيق كل المسائل الدفاعية وكذلك تلك المرتبطة بالطاقة بشكلٍ وثيق مع واشنطن، على نحوٍ حافَظَ لسنوات طويلة على نظام البترودولار، بالإضافة إلى مجمل المسائل الأخرى الداخلية والخارجية.

في الآونة الأخيرة، بدأت دول وقوى سياسية كثيرة، كانت حتى الأمس القريب من أقرب حلفاء الولايات المتحدة، تدركُ حجم الورطة التي تعاني منها. ولا سيّما أنَّ جزءاً من هذه الدول رأت أمام عينيها كيف تخلّصت الولايات المتحدة من «أصدقاء» لها بسهولة عندما تعارضت مصلحةُ هؤلاء مع مصلحتها الخاصة.

بهذا المعنى بالذات، لا يمكن إغفال الخطوات التي قامت بها السعودية مؤخَّراً، والتي تخالف في العمق جوهر النظرة التقليدية للعلاقات السعودية الأمريكية. حيث سارعت السعودية بتطوير العلاقات الوثيقة مع روسيا والصين والهند، وهو الأمر الذي نُظر إليه على أنه محاولات حثيثة من الرياض لتقليص اعتمادها على الولايات المتحدة، وخلق هامش من المناورة المستقلة عن الإرادة الأمريكية.

حيث كان من الملفت «التسريبات» التي وصلت إلى وسائل الإعلام حول استعداد الرياض لتحويل تجارة النفط مع الصين إلى اليوان، وكذلك زيادة مستوى التعاون مع روسيا داخل أوبك.

وفوق ذلك، جاءت الخطوة السعودية الأسبوع الماضي لتعزز من هذا الاتجاه، حيث نقلت وول ستريت جورنال عن مصادر أنَّ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أرسل إلى الرئيس الصيني، شي جين بينغ، دعوةً لزيارة المملكة في شهر رمضان.

وأمام هذا الواقع المتحوّل، حاولت واشنطن «إرضاء الرياض» عبر تزويدها بأنظمة باتريوت إضافية مضادة للصواريخ، وعدد كبير من الصواريخ، لضمان القدرة الدفاعية للمملكة ضد الهجمات المكثّفة من جانب الحوثيين. رغم ذلك، لا يخفي محلّلون أمريكيون «دهشتهم» من أنَّ هذا السلوك الأمريكي لم يؤتِ بالثمار التي كانت تأملها واشنطن، ذلك لأنَّ الرياض تدرك على ما يبدو أنّ العديد من مشكلاتها اليوم يمكن حلّها بوسائل أخرى غير العلاقة المشوبة بالتورط مع واشنطن، منها التركيز أكثر على رفع درجة التعاون مع كل من روسيا والصين، وتطوير العلاقات مع الجيران على نحو يضمن أمن الخليج، بما في ذلك بحث إمكانية الحوار ووضع حدٍّ للصراع المتأجِّج مع إيران.