ضربة الكينجال... رسالة عملية للتفوق النوعي
فيديل قره باغي فيديل قره باغي

ضربة الكينجال... رسالة عملية للتفوق النوعي

استخدمت روسيا أحدث صواريخها التي تفوق سرعتها سرعة الصوت من طراز «كينجال» (الخنجر) يوم الجمعة 18 آذار 2022 لتدمير مستودع ضخم لتخزين الصواريخ والذخيرة تحت الأرض غربي أوكرانيا بالقرب من الحدود مع رومانيا العضو في الناتو، وأطلقته طائرة ميغ-31 المقاتلة، فيما وصفه محللون بأنه أول استخدام لمثل هذا الصاروخ في العالم. في حين قال بايدن (رئيس الدولة التي فشلت عدة مرات متعاقبة في اختبارات لأسلحة فرط صوتية قابلة للخدمة العملية) بأنّ روسيا أطلقت صاروخاً فرط صوتي وذلك «جزئياً» لأنّ كييف «تمكنت من إعاثة الفوضى والدمار» بالجيش الروسي على حد تعبيره.

قالت وزارة الدفاع الروسية في اليوم الرابع والعشرين من العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا «دمر نظام صواريخ كينجال الصاروخية فرط الصوتية، مستودعاً كبيراً تحت الأرض يحتوي على صواريخ وذخائر طيران في قرية ديلاتين في منطقة إيفانو فرانكيفسك» حيث تقع القرية في سفوح جبال الكاربات الخلابة خارج المدينة. وتشترك منطقة إيفانو فرانكيفسك بحدود بطول 50 كيلومترًا (30 ميلًا) مع رومانيا.

وقال المحلل العسكري فاسيلي كاشين لوكالة فرانس برس إنّ «هذه هي الحالة الأولى لاستخدام أسلحة تفوق سرعتها سرعة الصوت في القتال في العالم».

فيما بعد أوضحت وسائل إعلام روسية بأنّ الهدف كان يعرف بـ«المشروع 711» الذي تم بناؤه في الحقبة السوفييتية عام 1955 وتم تدعيمه في ذلك الوقت لكي يتجنب تأثير القنبلة الذرية، ومع ذلك استطاع كينجال تدميره بذخيرة تقليدية غير نووية، بفضل سرعته العالية وبالتالي الطاقة الحركية الكبيرة التي حملها.

كما واحتوى المشروع المدمَّر على جميع صواريخ «توشكا-أو» التي كانت وزارة الدفاع الأوكرانية قد نقلتها إلى مستودعاته في وقت سابق. وجرى تداول معلومات في الإعلام بأنّ المشروع 711 عبارة عن معسكر حربي تحت الأرض مكون من طابقين في باطن الأرض على عمق 150 متراً.

أبرز مواصفات صاروخ كنيجال

هو من الصواريخ فرط الصوتية التي تضم إلى جانبه صورايخ من أنواع أخرى مثل زيركون وأفانغارد. كان صاروخ كينجال Kinzhal أو يسمى kh-47m2 واحدًا من مجموعة أسلحة جديدة سبق أن كشف عنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في خطابه عن حالة الأمة عام 2018 التي وصفها الإعلام الغربي آنذاك بأنها "صور كرتونية" مشككاً في حقيقة وجود أسلحة كهذه. ووصف بوتين صاروخ كينجال بأنه «سلاح مثالي» يطير بسرعة 10 أضعاف سرعة الصوت ويمكنه التغلب على أنظمة الدفاع الجوي.

وتتداول وسائل إعلام روسية بأن مواصفات الصاروخ الكاملة ما زالت «طيّ الكتمان». لكن من ميزاته الدقيقة أن هامش الانحراف أو «الخطأ» عن إصابته للهدف يبلغ أقل من متر واحد فقط، حتى لو تم إطلاقه من مئات الكيلومترات، وصمم الصاروخ ليس فقط لتدمير الأهداف البرية والجوفية تحت الأرض، بل والبحرية كذلك مثل حاملات الطائرات.

الصاروخ هو من النوع الذي يطلق من الجو، دخل الخدمة عام 2018، ويستطيع تغيير مساره خلال الطيران، ويستطيع المناورة مما يكسبه تفوقاً على المضادات. سرعته ما بين 10 إلى 12 مرة من سرعة الصوت، أو أكثر من 12 ألف كيلومتراً في الساعة، أو أكثر من 204 كيلومتراً في الدقيقة. يستطيع تدمير الهدف على بعد يصل حتى 3000 كيلومتراً.

كذلك يتمتع بصفة عامة للصواريخ فرط الصوتية، وهي عدم قابلية التنبؤ بمسار طيرانه. وأظهرت تسجيلات من اختبارات سابقة بتشكل «غمامة صوتية» تُسمَع بعد مرور الصاروخ عبر الأفق. وبشكل عام صواريخ روسيا الأرض-جو عالية الدقة، تستعمل منظومة توجيه دقيقة تعتمد على قدرات توجيه عبر الأقمار الصناعية.

وقريباً سوف تحمل الكينجال طائرات سو-57 المقاتلة الشبح متعددة الوظائف. وزن الصاروخ 4.3 أطنان، ويستطيع حمل رأس نووي بوزن يصل حتى 500 كيلو غرام.

يمكن استخدام الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت لإيصال رؤوس حربية تقليدية بسرعة ودقة أكبر من الصواريخ الأخرى، كما وتمتلك القدرة على حمل رؤوس نووية.

وتتصدر روسيا سباق تفوق سرعة الصوت، تليها الصين والولايات المتحدة، وتعمل عدة دول أخرى على التكنولوجيا.

وقال كاشين، رئيس مركز الدراسات الأوروبية والدولية الشاملة في المدرسة العليا للاقتصاد في موسكو، إنه مقارنة بصواريخ كروز، كانت الأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت أكثر كفاءة في تدمير مواقع التخزين تحت الأرض.

التأثير الدعائي والنفسي

بما أن كثيراً من الخبراء وخاصة الغربيين سبق أن شككوا كثيراً في تطوير روسيا للأسلحة فرط الصوتية، وقالوا إن روسيا ربما تبالغ في قدرات ترسانتها فرط الصوتية، يأتي الاستخدام الميداني الحقيقي الأول في أرض معركة حقيقية وليس مجرد اختبار ليلعب دوراً كبيراً في إثبات القوة والتفوق العسكري، ويقول محللون إن هذا هو الهدف الأساسي من استخدامه أكثر من أن يترك فرقاً في حسم عسكري مباشر. وصرح المحلل العسكري بافيل فيلغنهاور لوكالة فرانس برس بأنّ «هذا لا يغير شيئاً في ساحة المعركة من حيث الأساس، لكنه يعطي تأثيراً نفسياً ودعائياً معيّناً لتخويف الجميع»، وقال إنّ القوات الروسية كان من الممكن أن تستخدم الصواريخ المتقدمة أيضًا ولكن «التكاليف باهظة للغاية» وفقاً له.

ولاحظ جوزيف هينروتين، باحث الاستراتيجية الدفاعية ورئيس تحرير مجلة DSI العسكرية الفرنسية، ملاحظة مماثلة، وأشار إلى أن روسيا ربما تريد زيادة الرهان من خلال نشر صاروخ تفوق سرعته سرعة الصوت في أوكرانيا، ويكون من حيث الأساس قادراً على حمل رأس نووي، رغم أن ما حمله هو ذخيرة تقليدية ذات قدرة تدميرية عالية.