شونباخ لم ينطق عن هوى

شونباخ لم ينطق عن هوى

تبدو استقالة قائد البحرية الألمانية كاي-أخيم شونباخ أحد الأعراض القليلةِ الظهور لخلاف ألماني داخلي حول السياسات المتبعة تجاه روسيا، تلك التي كانت موضع خلاف أوروبي داخلي أساساً، وخلاف أوروبي أمريكي ظهرت على واجهته الآراء الألمانية التي ترى في الهيمنة الأميركية على القرار الطاقي الأوروبي كابحاً أمام إمكانية تعاطي أوروبا مع أزماتها الحالية.

حيث إنّ شونباخ كان قد أدلى بتصريحات خلال زيارة للهند أبدى فيها تفهُّمه للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقال عن الصراع بين روسيا وأوكرانيا: «شبه جزيرة القرم ضاعت ولن تعود»، كما اعتبر أنّ ألمانيا والهند بحاجة إلى روسيا من أجل مواجهة الصين، وأنَّ حرباً جديدة في القارة الأوروبية يمكن أنْ تبدأ خلال العقود القريبة من الزمن، وأضاف أنَّ الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، «يريد الاحترام بل وربما هو يستحق ذلك». واضطر قائد البحرية للاستقالة بعد الضغوط الكبيرة التي تعرض لها داخلياً في ألمانيا والضغوط التي مورست على ألمانيا وخاصة من قبل أوكرانيا والولايات المتحدة.

فما حصل جرّاء التصريحات المثيرة للجدل التي أدلى بها مؤخراً قائد البحرية الألمانية المستقيل حالياً، كاي-أخيم شونباخ، يجري على خلفية التصعيد الذي تقوم به الولايات المتحدة وبعض حلفائها الأوروبيين بشأن الحرب التي يجري التحضير لها على الأراضي الأوكرانية.

وكانت الخارجية الأوكرانية قد استدعت سفيرة ألمانيا في كييف، إنكا فيلدهوزن. كما قوبل الرفض القاطع من الحكومة الألمانية لتزويد أوكرانيا بالأسلحة بانتقادات من الجانب الأوكراني، وكتب وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا على تويتر أن «التصريحات الحالية لألمانيا مخيبة للآمال». وتقوم ألمانيا بالمشاركة مع فرنسا بالوساطة بين روسيا وأوكرانيا منذ ثمانية أعوام ما يعكس مصلحة أوروبا في عدم الدخول في الحرب التي تروّج لها الولايات المتحدة. وكانت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك دعت إلى استئناف مفاوضات السلام بين الجانبين وذلك خلال زيارتها لكييف وموسكو.

يأتي هذا في الوقت الذي تطالب الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون بسحب القوات الروسية المحتشدة على الحدود الأوكرانية. وفي المقابل تطالب روسيا بضمانات أمنية وإنهاء توسع حلف شمال الأطلسي (الناتو) في شرق أوروبا والذي تعتبره روسيا تهديداً واضحاً لها.

وكانت أوكرانيا طالبت ألمانيا مراراً بتقديم المساعدة العسكرية، وأوضحت وزيرة الدفاع الألمانية كريستين لامبرشت في تصريحات لصحيفة «فيلت آم زونتاج» الألمانية أن ألمانيا لن تزوّد أوكرانيا بأسلحة وقالت «توريد أسلحة لن يكون مفيداً في الوقت الراهن، وهذا محلّ إجماع داخل الحكومة الألمانية» ما يعكس توجُّه ألمانيا الفعلي تجاه الأزمة الأوكرانية.

وكانت الولايات المتحدة أبدت استعدادها لمساعدة أوكرانيا، بعد ساعات قليلة فقط من لقاء وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في جنيف.