كيف يتم استغلال العمّال عبر شرط «عدم التنافس»؟
اتفاقات «عدم التنافس» هي شروط يتم تضمينها في عقود التوظيف تحظر على العمّال أن يتركوا العمل ليعملوا لصالح ربّ عمل آخر «منافس» يعمل ضمن المنطقة الجغرافية ذاتها، وذلك لفترة محددة من الزمن. وقد وجدت عدّة دراسات بأنّ هذا الشرط يسهم في تخفيض أجور جميع العمّال، وحتّى العمّال غير المجبرين على توقيع هذه الاتفاقات.
تبعاً لتقرير «مؤسسة السياسات الاقتصادية»: هناك 28% إلى 47% من عمّال القطاع الخاص في الولايات المتحدة مجبرون على توقيع اتفاقات «عدم التنافس». باختصار:
بشكل أو بآخر، هذه طريقة لإعادة إنشاء ديناميكيات هيمنة الشركات/أرباب العمل القديمة مع العمّال غير القادرين على تغيير عملهم إن كانوا يريدون الاستمرار في المهنة ذاتها.
يتم تضمين هذا الشرط في عقود العمّال منخفضي الأجور، مثل النواطير، والحرّاس، وعمّال الأطعمة السريعة، وعمّال المخازن، ومساعدو الخدمة الذاتية، ومنظفو الغرف. في الحقيقة ثلث الأعمال تجبر العمّال على توقيع هذه الاتفاقات بغضّ النظر عن مهامهم الوظيفية أو أجورهم.
ورغم توقيع بايدن في 9 تموز 2021 أمراً تنفيذياً «لتعزيز المنافسة في الاقتصاد الأمريكي»، مكلفاً اللجنة التجارة الفدرالية بالعمل مع بقيّة اللجان لتقليص الاستخدام غير العادل لشروط عدم المنافسة وغيرها من الشروط غير العادلة في عقود العمّال، فلا يبدو واضحاً المدى الذي ستصل إليه اللجنة في عملها وإن كان سيحلّ المشكلة.
الاستغلال والغضب
وضعت بعض الولايات قيوداً على استخدام اتفاقات عدم المنافسة، مثل إيلينوي ونيفادا، حيث حُظر تضمين عقود العمّال منخفضي الأجور أيّ شروط من هذا النوع. لكنّ بعض الولايات، مثل إيداهو، مررت قوانين سهّلت فيها وضع شروط عدم المنافسة.
معظم العمّال يعيشون في ولايات ليس فيها أيّ حظر أو قيود على اتفاقات عدم المنافسة، وكنتيجة لذلك وجدت الإحصاءات نتائج مذهلة. فعلى سبيل المثال، أكثر من ربع الشركات «29%» التي تمنح أجوراً منخفضة أقلّ من 13 دولار وسطياً، تفرض اتفاقات عدم المنافسة على جميع العمّال.
يجبر الغضب الشعبي الشركات في بعض الأحيان على تغيير سياساتها، أو تجبر سلطات الولايات على التدخل بالنيابة عن العمّال. مثال ذلك ما فرضته شركة أمازون في 2015 على عمّال مخازنها بتوقيع اتفاقات عدم المنافسة. وكما أتى في التقرير: «العمل مكرر ومتطلّب جسدياً ولا يفوق الحدّ الأدنى للأجور إلّا بفتات، ومع ذلك تطلب أمازون من هؤلاء العمّال – حتى العمّال الموسميين – التوقيع على اتفاقات صارمة وبعيدة المدى لعدم المنافسة».
لكنّ الشركة اضطرّت بعد الضغوط التي تعرضت لها أن تعدّل سياساتها بعد أن احتلّ الأمر صفحات الإعلام وبات يهدد شعبية الشركة.
أظهرت الإحصائيات أنّ الأجور ترتفع عندما يتمّ حظر شروط عدم المنافسة. إحدى أكثر الدراسات شمولاً وتفصيلاً عن الأمر هي عن قرار ولاية أوريغون في 2008 حظر فرض شروط عدم المنافسة على عمّال الأجور الساعيّة. حيث وجدت الدراسة بأنّ أجور العمّال ازدادت بنسبة 2-3% وسطياً بعد الحظر. وبأنّ التأثيرات الإيجابية كانت أكبر على العاملات، حيث إنّ غالبية عمّال الأجور الساعيّة من النساء. كما أدّى الحظر إلى تحسين الوضع المهني الوسطي في الولاية.
وفي دراسة أخرى عن قرار حظر الشرط في هاواي في 2015 على عمّال التكنولوجيا، تبيّن أنّ زيادة بمقدار 4.2% قد حصلت في التعيينات الجديدة، وبمقدار 12% في العمّال المنتقلين.
لكن كما تظهر تجربة كاليفورنيا، فالقانون وحده غير كفيل بإنهاء هذه الممارسة. وقد أثبتت لنا هذه التجربة بأنّ القانون دون متابعة وتدقيق في أماكن العمل سيسمح للشركات بالاستمرار باستغلال العمّال والتهرّب من القانون وفرض شرط المنافسة من أجل إخافتهم.
بتصرّف عن: Playing the capitalist game: heads they win, tails you lose