صندوق النقد الدولي... ذنب الكلب أعوج
مايكل روبرتس مايكل روبرتس

صندوق النقد الدولي... ذنب الكلب أعوج

«حقوق السحب الخاصة» هي عملة احتياطية مدعومة من الدول الكبرى في صندوق النقد الدولي، والتي يتم تخصيصها لكل دولة. يمكن تحويلها إلى دولارات وما إلى ذلك من أجل استخدامها كائتمان لتمويل الاحتياجات الطارئة للبلدان التي تحصل عليها. يبدو الأمر جيداً أليس كذلك؟... في الحقيقة هو ليس كذلك.

ترجمة : قاسيون

بدت رئيسة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورغيفا شديدة الحماس بشأن بدء الدول الأعضاء بتلقّي حصتهم من «حقوق السحب الخاصة» الإضافية «SDRs» المتوافق عليها دولياً.

حيث قالت: «يمثّل هذا الضخ لأصول الاحتياطيات الدولية الجديدة علامة فارقة في قدرتنا الجماعية على مواجهة أزمة غير مسبوقة. يمكن لحقوق السحب الخاصة أن تساعد البلدان ذات الاحتياطات الضعيفة على تقليل اعتمادها على الديون المحلية أو الخارجيّة ذات التكلفة الأعلى. وبالنسبة للدول التي تتعرّض لضغوط شديدة لزيادة الإنفاق الاجتماعي، والاستثمار في التعافي والتعامل مع التهديدات المناخية، فسيتاح لها توفير موارد إضافية ثمينة».

في البدء: المبلغ المتفق عليه، والبالغ 650 مليار دولار، هو أقلّ بكثير ممّا يحاول الاقتصاديون السائدون أن يفهمونا بأنّه كافٍ لتقديم مساعدة حقيقية للدول، فالمبلغ الذي يمكن اعتباره مساعدة مجدية يفترض أن يكون نحو 1 إلى 2 ترليون دولار. أما في الواقع، فمبلغ 650 مليار دولار فقط المذكور، لا يعدو أن يكون قطرة في محيط بالمقارنة بضخ الائتمان الذي تقوم به البنوك المركزية الكبرى في اقتصاداتها، والبالغ حوالي 9 ترليون دولار.

ثانياً: حصلت الاقتصادات الأكبر والأكثر تقدماً على الحصّة الأكبر، وكلّ ما تمكنت جورغيفا من قوله: «يشجّع صندوق النقد الدولي تحويل حقوق السحب الخاصة بشكل طوعي من البلدان التي تتمتع بمواقف خارجية قوية، إلى البلدان الأشد فقراً والأكثر ضعفاً». حتّى الآن، إجمالي التحويل الطوعي من الدول الغنية من مخصصاتها من حقوق السحب الخاصة هي 24 مليار دولار فقط، منها 15 مليار من الأسهم الموجودة.

ثالثاً: حقوق السحب الخاصة في واقع الحال قروض، أي يجب سدادها أو تخديمها في المستقبل. وبالطبع لم يتم اتخاذ أيّ خطوة لإلغاء الديون الضخمة التي تدين بها البلدان الفقيرة في العالم للأثرياء ولصندوق النقد الدولي نفسه.

يعود بنا هذا إلى الهرج والمرج الكثير الذي تحدّث به الاقتصاديون «التقدميون» أوائل هذا العام، عن كون صندوق النقد الدولي والبنك الدولي قد «غيّرا سياستهما» الداعمة للتقشف والمطالبة بإبقاء الديون منخفضة والخصخصة الشرسة. في الحقيقة لم يكن ما شهدناه تغييراً في الإيديولوجيا، بل استجابة لحالة الضرورة التي أجبرت الرأسماليين على ضخ كميات هائلة من الائتمان لتجنّب الانهيار التام بسبب ركود كوفيد.

يذكرنا هذا بدراسة استقصائية لتقارير خبراء صندوق النقد الدولي في 80 دولة، حيث وجدت أنّ 72 دولة كانت مقبلة على تخفيضات في مستويات الإنفاق دون خطّ الأساس قبل انتشار الوباء في 2021، مع انضمام بقيّة الدول لها في 2023، وهي الخطط التي حظيت بمباركة موظّفي صندوق النقد الدولي.

لهذا، يمكننا أن نكون مرتاحي الضمير عندما نتحدّث عن صندوق النقد الدولي واستحالة تغيير سياساته ضدّ مصالح النخب المالية، قائلين: ذنب الكلب أعوج.

 

بتصرّف عن:

 Michael Roberts blog

IMF and debt: a new consensus?

 

آخر تعديل على الأحد, 29 آب/أغسطس 2021 13:23