المعلّم الرئيس كاستيو يتحدث

المعلّم الرئيس كاستيو يتحدث

«أتيت إلى العاصمة ليما وعملت في الكثير من الأعمال الصغيرة كي أتمكّن من إنهاء دراستي: خدمة المقاهي وبيع الصحف وبيع المثلجات وتنظيف المراحيض. اختبرت الواقع القاسي للعمّال في الأرياف وفي المدينة. عندما عدت إلى الريف لأصبح مديراً للمدرسة، اضطررت مع رفاقي في المجتمع الريفي لفعل كلّ شيء بلا مساعدة حكومية، ومنها شقّ الطريق الوحيد الذي كنّا نتمكن من سلوكه في الصيف» – هذا بعض ما جاء في حديث مطوّل لرئيس البيرو المنتخب، بيدرو كاستيو، عن حياته ونشأته وخططه، أدلى به في لقاء له مع وفد من حزب «الاشتراكيين-الديمقراطيين لأمريكا». وتقدّم قاسيون ترجمةً لأبرز ما جاء في حديث كاستيو:

 

ترجمة : قاسيون

ولدت وترعرعت في قرية صغيرة اسمها «بونيا»، وأصبحت معلماً في المدرسة الابتدائية نفسها التي درست فيها. كنت لخمسة وعشرين عاماً مدرّساً ومزارعاً، ثمّ أصبحت رئيساً نقابياً ومتطوعاً في دوريات محلية لمكافحة الجريمة والإهمال والكثير من المشكلات التي تواجه المجتمعات الريفية.

نحتفل هذا العام بالمئوية الثانية على إعلان بيرو كجمهورية، وما زال لدينا مستويات مرتفعة من الأميّة، ولا تزال أغلبيّة منازلنا بلا كهرباء أو ماء أو إنارة. حتّى المراكز الصحيّة الصغيرة التي كان فيها ممرضة تضع لك ضماداً أو تعطيك حبوباً لجميع الأمراض، أغلقت وهجرت.

سافرت على طول البلاد ورأيت الكثير من البلدات تعاني من المشاكل ذاتها. وإن دخلت أعمق إلى منطقة الأمازون، تصبح الظروف أسوأ. الناس هناك لا يملكون أيّ شيء، وهم مهجورون بشكل كلّي من قبل الدولة.

لهذا شهدنا الكثير من الاحتجاجات. يطالب الناس بالعدالة وينادون باستقالة جميع السياسيين منذ أعوام. لدينا برلمان «كونغرس» بلا شرعية أو قبول شعبي. لا تعبأ مؤسساتنا بالاحتياجات الكبرى لبلدنا. هناك إناث ضحايا للتعقيم القسري في ظلّ نظام ألبيرتو فوجيموري [والد المرشحة اليمينة الفاسدة المدعومة من واشنطن، كيكو فوجيموري، التي خسرت الانتخابات الرئاسية أمام كاستيو – توضيح قاسيون]، وبشرٌ تمّ ذبحهم على يد المليشيات الحكومية. هناك أمهات وفتيات ضحايا للعنف. والآن مع الوباء، هناك آلاف الأشخاص الذين فقدوا وظائفهم وهم يطالبون بعمل.

في البيرو اليوم مئات الصراعات الاجتماعية، وعندما يشتكي الناس للحكومة فأفضل ما تقوم به هو عقد حوار لتهدئة الناس، لكنّها غير قادرة على حلّ أيّ مشكلة. لا تملك الحكومة لا الرغبة ولا القدرة على حلّ المشكلات الكبرى التي تواجه بلدنا.

أثبت لنا الوباء حاجتنا لتغيير هيكلي في البيرو. مشكلة الوباء ليست صحيّة وحسب، إنّها مشكلة هيكلية. إنّها أزمة تتراكم منذ وقت طويل.

البيرو بلدٌ ثري، لكنّ معظم ثروته مثل النحاس والذهب والفضة، تذهب للغرباء. يمكنك أن ترى في الموانئ دفقاً لا ينتهي من الموارد التي تنهب من البلاد، ثمّ على بعد 200 متر فقط منها ترى طفلاً حافي القدمين، وطفلاً مصاباً بالسل، وطفلاً تنهشه الطفيليات.

لهذا علينا أن نعيد التفاوض على العقود مع الشركات الكبرى بحيث تبقى أرباح أكبر في البيرو وتنفع الناس. لزامٌ علينا أن نعيد فحص اتفاقيات التجارة الحرة الموقعة مع بلدانٍ أخرى بحيث نتمكن من تعزيز أعمالنا المحليّة.

من أجل هذا علينا تغيير الدستور. كُتب دستورنا الحالي في 1993 في ظلّ دكتاتورية فوجيموري. إنّه يتعامل مع الرعاية الصحية بوصفها خدمة وليس حقاً، ومع التعليم بوصفه خدمة وليس حقاً. إنّه مصمم لخدمة الأعمال وليس البشر. كنت أسأل الجميع في المدن والبلدات التي زرتها: «هل شارك أحدكم في إعداد دستور 1993؟ ليرفع يده من فعل». لم يرفع أحد يده، فدستورنا الحالي لم يكتبه الشعب ولهذا لا يحميهم.

إن قصدنا القضاء لمطالبة الدولة بتزويد المجتمعات الفقيرة بالماء والتعليم والرعاية الصحية، تقول المحاكم بأنّ هذا غير دستوري لكونها خدمة وليس حقاً. وينطبق الأمر  ذاته على الطرقات التي تسمح للمزارعين بالوصول إلى الأسواق وغيرها من الأساسيات.

لهذا سنجري استفتاء يعبّر فيه البيروفيون عن رغبتهم بتغيير الدستور من عدمه، وأن يقوموا بذلك بشكل ديمقراطي.

من دون مشاركة الشعب لن نتمكن من محاربة الفساد الذي بات متجذراً ومؤسساتياً في البيرو، ولن نستطيع دونهم دعم الدولة في مكافحة كارتيلات المخدرات والجريمة المنظمة.

حاول النخب وأعوانهم الفاسدون نشر كلّ الشائعات ضدنا، بأننا إرهابيون وبأننا سنسرق بيوت الناس وأراضيهم ومدخراتهم. وقاموا من أجل تحطيمنا برفع سعر الدولار والخبز وحتى الدجاج. لم ينقل الإعلام الموالي لهم أيّ خبر أو تقرير، مكتوب أو متلفز، يتحدث بشكل شريف عن مقترحاتنا.

كما أننا نواجه عقبة كبرى تتمثل في البرلمان. لكن إن حاول البرلمان إيقافنا عن إجراء التغييرات التي وعدنا بها، فسنستمر بحشد الناس بالشوارع. جئتُ من حركة ثوريّة، ولا أزال حتى اليوم أحمل على جسدي علامات العصي والرصاص في ظهري وقدميّ. أنا هنا من أجل الناس والبلاد، وكفاحنا لن ينتهي حتّى تحقيق العيش الكريم للجميع.

وكما قلت أثناء الحملة: «لا مزيد من الفقراء في بلد ثري. أمنحكم عهدي كمدرّس».