في فرنسا: «الأخ الكبير» يراقبك لكن دون لافتات علنية
رغم فضيحة تجسس شركة إيكيا IKEA الفرنسية على عمّالها، وهي من عمالقة الشركات الرأسمالية لبيع الأثاث بالتجزئة ولها فروع كثيرة عبر العالم، ومع تواطئها مع ضابط سابق بالمخابرات الفرنسية، مستهدفةً بشكل خاص الناشطين النقابيين وحقوق وحريات العمّال (وهي من أقدس حقوق الإنسان)، لكنّ مع ذلك يبدو القضاء الفرنسي متواطئاً مع الشركة، حيث أصدر حكماً مخفّفاً، وليس هذا فحسب بل ومع وقف تنفيذ أحكام السجن! (فسجون البرجوازية، سواءً غرباً أو شرقاً، مخصصة بشكلٍ رئيسي للعمال لا للأسياد). ويأتي حكم المحكمة الأخف رغماً عن الاتهام الأصلي الذي وجهّته المدعية العامّة تابارديل ضد شركة إيكيا، وهو «التجسس الجماعي» غير الشرعي، ورغماً عن مطالبة المدعية للمحكمة بأن يتم إصدار حكم بمثابة «رسالة قويّة» بخصوص التجسس غير القانوني على الموظفين.
وجاء الحكم المخفف للقضاء الفرنسي في 15 حزيران 2021، وفق ما نقلت رويترز، بتعويض قدره مليون يورو «1.2 مليون دولار»، الذي لا شك أنه أشبه بـ«رشوة» تافهة مقارنةً مع الأرباح العملاقة للشركة، حيث وجدت المحكمة بأنّ إيكيا-فرنسا قد نصّبت نظاماً للتجسس غير القانوني على المئات من موظفيها والمتقدمين للعمل لديها على مدى أعوام، مستخدمة بذلك محققين خاصين، ومصادر من الشرطة. وقد كشفت القضيّة بأنّ الشركة استهدفت بشكل خاص النشطاء في اتحادات العمل والنقابات العمّالية.
وعلّقت المدعية العامة على الأمر أثناء وجودها في المحكمة: «إنّ الذي على المحكّ هنا هو حماية حياتنا الخاصة من التهديد بالمراقبة». وأضافت بأنّ المحكمة تناولت أعمال التجسس بين عامي 2009 و2012، لكنّ نظام التجسس تمّ تركيبه قبل عقد على الأقل من ذلك التاريخ.
سبق لشركة إيكيا أن أعلنت في نيسان 2012، وفي محاولة منها لحفظ ماء الوجه، تخليها عن خدمات أربع مدراء في فرعها في فرنسا، على خلفيّة الاتهامات باستخدامهم ملفات للشرطة بشكل غير قانوني للتجسس على طاقم عملها وزبائنها، حيث زعمت بأنّ لا علاقة لها كشركة بالأمر، وأنّ الأمر مجرّد «ضعف مؤسساتي» وحسب.
ومن بين الـ 15 شخص الذين تمّت محاكمتهم ووجدوا بأغلبهم مذنبين، كان مدير المخاطر السابق في إيكيا: جان فرانسوا باريس، المتهم بكونه عصب وقلب نظام التجسس، قد تلقى حكماً بالسجن لمدّة 18 شهر ولكن مع وقف التنفيذ، وبغرامة مالية 10 آلاف يورو. بينما حُكم على جان بايلوت، المدير التنفيذي بالسجن لعامين مع وقف التنفيذ أيضاً، وبغرامة 50 ألف يورو. مع ملاحظة أنّ بايلوت رفض الإقرار بارتكابه أيّ فعل خاطئ.
وقد تعاملت إيكيا مع شركة أمنية خاصة تدعى «إيربيس Eirpace» لمساعدتها في أعمال التجسس، وكانت فواتيرها السنوية قرابة 600 ألف يورو. مع العلم بأنّ رئيس الشركة جان بيير فورس هو ضابط سابق في المخابرات الفرنسية، وقد حكم عليه بالسجن لعامين مع وقف التنفيذ، ودفع غرامة 20 ألف يورو.
وقد علّق أليكسيس بيرين، محامي نقابة عمّال إيكيا في ليون، على الحكم المهلهل: «المبالغ التي حكم بها ليست كافية لإجبار إيكيا أو الشركات الأخرى على تغيير سلوكهم».