الانقلاب الذي يجري تحضيره، هل سينجح؟
لماذا نركز في قاسيون على البيرو وانتخاباتها؟ لأنّها تأتي في زمن التحولات الكبيرة داخل الدول التي اعتادت الولايات المتحدة أن يكون لها اليد الطولى فيها. اعتادت الولايات المتحدة على تخويف كلّ شعب تسوّل له نفسه انتخاب شخص يقف ضدّ هيمنتها بانقلاب – عسكري أو أمر واقع يدعمه الجيش، لكنّها فشلت بذلك عدّة مرّات في العقد الأخير، وخاصة في «باحتها الخلفيّة» أمريكا اللاتينية، حيث كانت آخر خساراتها في بوليفيا. يترقب الجميع اليوم ما قد يحدث في البيرو، حيث إنّ عدم حصول انقلاب، أو حصول واحد مهلهَل كالذي حدث في بوليفيا، سيعني بأنّ الولايات المتحدة قد وصلت مرحلةً من الضعف كان كثيرون يراهنون على أنّها قد لا تصلها إلّا بعد عقدَين أو ثلاثة على الأقل.
ترجمة: قاسيون
بدأ بيدرو كاستيو بتلقي التهاني من حول العالم على فوزه بالرئاسة. لكنّ فوجيموري – المرشحة اليمينية التي خسرت أمامه، رفضت الإقرار بهذه النتيجة. فخلال ساعات من إعلان النتائج، قام فريقها من الخبراء والمحامين بتقديم 134 اعتراض، وعلى وشك تقديم 811 اعتراض آخر. لدى فوجيموري جيش من المحامين الأكثر شهرة في البيرو، ففي ليما وحدها لديها أكثر من 30 محام. اجتمع فريق فوجيموري حتّى قبل أن يُفتَتح التصويت، لوضع خطط للتحرّك بسرعة حال حدوث ما حدث بالفعل.
الولايات المتحدة بدورها عيّنت سفيرة جديدة في البيرو. إنّها ليزا كينا، مستشارة لوزير الخارجية الأسبق، وعميلة لتسعة أعوام في وكالة المخابرات المركزية، ومديرة مكتب الولايات المتحدة في العراق. قبل الانتخابات تماماً، نشرت السفارة فيديو للسفيرة الجديدة وهي تتحدث عن الصداقة بين الولايات المتحدة والبيرو، وعن الحاجة لانتقال سلمي بين رئيس وآخر، وعن أنّ الولايات المتحدة أقدر من غيرها على معرفة إن كان سيحصل تدخل في الانتخابات.
وبالعودة إلى كيكو فوجيموري، وريثة الدكتاتور ألبرتو فوجيموري رجل الأمريكيين ورأس المال الأجنبي في البيرو، فمن اللافت وجود بعض الأشخاص في فريقها، أمثال فرناندو روسبيغليوسي، وزير الداخلية الأسبق. روسبيغليوسي هذا شهير بتعامله مع الأمريكيين. فقد كان يعمل، بصحبة وزير الدفاع روبن فارغاس، لصالح منظمة غير حكومية تدعى CHS، وهي المنظمة التي كانت تتلقى تمويلها بشكل علني من «قسم تطبيق القانون وشؤون المخدرات الحكومي في الولايات المتحدة NAS». وقد عمل روسبيغليوسي عن قرب مع السفارة الأمريكية لوضع ضابط الجيش «أولانته هيومالا»، الذي كان يشتبه به في حينه بأنّه يحضر لانقلاب ضدّ والد كيكو، وكان الأمريكيون يخشون بأنّه قد يكون «تشافيز جديد» بسبب عدائه المعلن للقواعد الأمريكية في البيرو.
فيما بعد، وبشكل مريب، أصبح هيومالا مؤيداً للنيوليبرالية، وقد حصل على مباركة عرّاب اليمين البيروفي ماريو يوسا «الكاتب الشهير» عندما تقدم لانتخابات 2006 بمباركة الأمريكيين. يوسا نفسه، مستفيداً من ثقل جائزة نوبل للآداب في 2010، لعب دوراً كبيراً هنا بتكرار انتقاداته للريف البيروفي، وبمحاولة تحويل البيرو إلى فنزويلا جديدة. يوسا ومجموعته من المثقفين اليمينيين، عملوا بشكل مكثّف على الاستخفاف بالطبقة العاملة والفلاحين في البيرو ومشاركتهم في السياسة، آملين من هذا الهجوم العنصري أن يمنحوا غطاء «فكرياً» عنصرياً للانقلاب الذي يأملون قيامه.
يبدو كلّ شيء مجهّز لمسرحية انقلاب قادمة: سفيرة جديدة ذات صلات بالمخابرات المركزية، ورجال دولة فاسدين اعتادوا ارتياد السفارة الأمريكية والتنسيق معها، ورجل عجوز لديه حساسية ضدّ شعبه، ومرشحة وراءها أصحاب المال القذر.
لكنّ كاستيو يملك الشارع في مقابلهم. الناس قد تحتشد، فهي لا تريد أن ترى انتخاباتها تُغتَصَب. علينا أن ننتظر لنرى، هل سيتمكن الشعب من الانتصار على القوى المظلمة؟
بتصرّف عن: The coup that is taking place in Peru