النموذج السويدي يفشل أمام الوباء
لدى السويد ثالث أعلى نسبة إصابات يومية في حالات كوفيد-19 في العالم، والوباء يسري فيها بمعدل 12 ضِعفاً بالمقارنة مع معدلات جارتها فنلندا، وسبعة أضعاف جارتها النرويج. مات قرابة 14 ألف إنسان، وأصيب حوالي مليون آخرين بالعدوى. نُشِرَت عدّة تقارير صحفيّة عن مرضى كبار في السن لم يتم إعطائهم الأوكسجين اللازم، وأعطوهم عوضاً عن ذلك المورفين، وهو مثبط للجهاز التنفسي، وتُركوا ليموتوا. الاستراتيجية السويديّة باءت بالفشل.
أبقت السويد الأعمال والبارات والمطاعم ومعظم المدارس والأحداث الرياضية، مفتوحة لأكثر من عام ونصف بعد تسجيل أول حالة إصابة بفيروس كورونا في كانون الثاني 2020. الاستراتيجية التي شرحها عالم الأوبئة السويدي أندرس تيغنل – في مقال تمّت إزالته مؤخراً من صحيفة ستوكهولوم «داغنس إندستري» – بأنّها لن «تعرّض أداءَنا الاجتماعي للخطر بطريقة مضرّة لأيّة أرباح».
نشرت صحيفة «داغن نيهتر» نقلاً عن نقابة العاملين في مجال الرعاية الصحية بأنّ واحداً من كلّ خمسة عمّال في مستشفى دانديرد في ستوكهولم أصيب بفيروس كورونا، وبأنّ أكثر من ربع الموظفين الذين أصيبوا بالفيروس يعانون بنتيجة ذلك من مشكلات صحيّة طويلة الأمد.
اليوم وفي ظلّ الموجة الثالثة من الوباء، المستشفيات مكتظّة. قال دافيد كارولينسكا للصحفيين بأنّ مستوى إشغال بعض المستشفيات يبلغ 170%. في أوبسالا، المدينة التي تقع شمال العاصمة، تُرك الأفراد ليتحملوا عبء انتشار الفيروس، مع قيود قليلة جداً على معظم الأعمال. حذّر رئيس عيادة العدوى في المستشفى الوطني: لم يتبقَّ لدينا الكثير من الموارد، وليس لدينا ما يكفي من الموظفين. بدأنا نقترب من الكارثة.
في جميع أنحاء العالم شكّلت الأزمة معضلة للرأسمالية: إمّا مواصلة العمل كالمعتاد لتأمين أرباح فورية أثناء انتشار الفيروس، أو تقليل النشاط الاقتصادي للحد من انتشار الفيروس. بغضّ النظر عن العواقب المروّعة للعمل كالمعتاد، أصبحت السويد النموذج الذي يعتمده اليمين السياسي لكيفية الاستجابة للوباء.
مادحو النموذج الفاشل
أشاد تي.جي.رودجرز، المدير التنفيذي للأعمال، في مقال نشر في وول ستريت جورنال في نيسان 2020 باستجابة السويد: «السويد تحارب فيروس كورونا بإرشادات منطقية أقلّ تدميراً اقتصادياً بكثير من عمليات الإغلاق في معظم الولايات الأمريكية».
أعلن إيلون ماسك في الشهر التالي على تويتر إعادة فتح مصانع تيسلا في كاليفورنيا، ممجداً بشكل متكرر النهج السويدي. بعد ثلاثة أسابيع، أعلن على تويتر بأنّه أصيب بفيروس كورونا أثناء وجوده في السويد.
انتقد السياسي اليميني البريطاني نايجل فاراج أيّ إجراء إغلاق مشيراً إلى «البديل الموثوق» لتدابير الصحة العامة الجادة التي كانت «تُمارس بشكل فعال إلى حدّ كبير في السويد».
تمّ الترويج لمناعة القطيع التي اقترحتها السلطات السويدية من قبل شخصيات بارزة مثل رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون لعدّة أشهر، لتبرير محاولة إعادة فتح قطاعات كبيرة من الاقتصاد رغم الانتشار السريع للوباء عبر بريطانيا. قدّر عالم جينومات الميكروبات آلان ماكنلي من جامعة برمنغهام، بأنّ التأخير في الإغلاق ليومين فقط، كان المسؤول عن 1.3 مليون حالة إصابة إضافية.
الشخصيات البارزة اليمينية التي حاولت الاستعانة بنموذج «القطيع» السويدي كثر، لكنّ الحفاظ على الأعمال كالمعتاد كان مسؤولاً عن مئات الآلاف، إن لم يكن الملايين، من الوفيات حول العالم. لقد دمّر حياة الكثيرين، وأكثر منهم من تضررت صحتهم بشكل دائم. استراتيجية السويد التي تغنّى بها مؤيِّدو إبقاء الأعمال مفتوحة، أثبتت أنّها كارثة كاملة.