مؤشرات الانهيار المالي العالمي من أستراليا هذه المرّة
ليس من المعتاد أن تُعتبر أعمال بنك أستراليا المركزي إشارة مهمّة على تحركات البنوك المركزية الأخرى لكون سياساته عموماً تأتي كردّ على ما يحدث في أماكن أخرى.
بقلم: نيك بيمز
ترجمة: قاسيون
كان إغراق السندات في أستراليا جزءاً من عمليات البيع العالمية التي حدثت الثلاثاء الماضي، والتي شهدت ارتفاعاً في العوائد. وقد أدّى إلى انخفاض كبير في وول ستريت وسط مخاوف متزايدة من أنّ ارتفاع أسعار الفائدة قد يطلق أزمة أخرى في النظام المالي العالمي.
قد تكون تصرفات بنك الاحتياطي الأسترالي بمثابة مقدمة لزيادة أخرى في مشتريات السندات من بنوك مركزية أخرى، بما في ذلك بنك الاحتياطي الفدرالي الأمريكي والبنك المركزي الأوربي.
بدأ بنك الاحتياطي الأسترالي عمليات التسهيل الكمي الشهر الماضي عندما أعلن بأنّه سيشتري ما قيمته 100 مليار دولار من السندات الحكومية. وقرر رفع قيمة مشترياته بمقدار 100 مليار دولار أخرى الشهر الماضي، فكان إعلان الإثنين 2/3 تصعيداً إضافياً.
وفي نوع من المراوغة اللفظية، صرّح حاكم البنك فيليب لوي بأنّ البنك المركزي لا يموّل الدين الحكومي بشكل مباشر.
في حين أنّ بنك الاحتياطي الأسترالي لا يشتري ديناً حكومياً بشكل مباشر، فعمليتا الشراء تعنيان بأنّ البنك يملك حوالي 20% من الدين الحكومي. يقوم البنك الآن بشراء سندات في السوق الثانوية أكثر ممّا تصدر الحكومة سندات جديدة لتمويل ديونها المتزايدة – بحيث يقدّر بأنّه يتجه نحو ترليون دولار.
يسلط تدخل البنك المركزي الأسترالي المكثف الضوء على المخاوف المتزايدة في الأسواق المالية من أنّ زيادة الدين الحكومي، وخاصة في الولايات المتحدة نتيجة لحزمة التحفيز المقترحة من إدارة بايدن والبالغة قيمتها 1.9 ترليون دولار، قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة وإنهاء فقاعة سوق الأسهم في وول ستريت.
تقلبات حادة
منذ التدخل الكبير من جانب الاحتياطي الفدرالي الأمريكي، والذي بلغ أكثر من 3 ترليون دولار بعد تجمّد الأسواق المالية في آذار الماضي، ارتفعت وول ستريت إلى مستويات قياسية جديدة. تمّ هذا على خلفية الافتراض بأنّ إصدار أموال مجانية بلا فائدة سيستمر في المستقبل إلى أجل غير محدد. بالإضافة إلى افتراض أنّ الاحتياطي الفدرالي سيتدخل مرّة أخرى في حال حدوث أزمة في الأسواق.
لكن إذا انسحب المستثمرون من سوق الدين الحكومي، فأسعار السندات ستنخفض ومعدلات الفائدة سترتفع «يتحرك الاثنان باتجاه متعاكس».
أدّت عمليات بيع السندات العالمية يوم الخميس الماضي إلى انخفاض كبير في وول ستريت. والسبب كما أشارت صحيفة وول ستريت: «اهتزّت إحدى أركان الانتعاش القوي في سوق الأسهم العام الماضي: ثقة المستثمرين بأنّ أسعار الفائدة طويلة الأجل شديدة الانخفاض موجودة لتبقى بشكل دائم».
أثار ضعف الطلب المخاوف لأنّ الحكومة الأمريكية ستحتاج لبيع كميات هائلة من الديون من أجل تمويل حزمة تحفيز بايدن. إذا تعذّر العثور على مشترين، فقد يضطرّ بنك الاحتياطي الفدرالي إلى زيادة مشترياته من الأصول المالية وسلوك درب بنك الاحتياطي الأسترالي.
حتى الآن يشعر المستثمرون والمضاربون بالارتياح نتيجة تأكيدات الاحتياطي الفدرالي الأمريكي بأنّ أسعار الفائدة ستبقى قريبة من الصفر لأجل غير محدد، وأنّ البنك المركزي لن يستجيب للتضخم برفع سعر الفائدة الأساسي.
لكنّ المخاوف تبقى قائمة من عودة أزمة شهر آذار العام الماضي، عندما كان هناك اندفاع للحصول على السيولة والتخلّص حتّى من أكثر سندات الدين الحكومي أماناً.
شهدنا مؤخراً الكثير من التحذيرات من أنّ أسواق الأسهم غير مستدامة وأنّ الفقاعة على وشك الانفجار: فارتفاع المضاربة مثل حادثة غيم-ستوب، والاشتراك المذهل لما يسمى تجار التجزئة، وصعود العملة المشفرة بيتكوين، جميعها دلائل على قرب الانفجار.
حذّر روتشير شارما، رئيس الاستراتيجيين العالميين في مؤسسة مورغان ستانلي من أنّ الانتقال إلى اقتصاد ما بعد كوفيد قد يكون أكثر تخريباً ممّا يمكن تصوره، فالأسواق المالية مدمنة على أسعار الفائدة المنخفضة طويلة الأجل.
لدينا إشارة أخرى هي زيادة استخدام «الشركات الطامعة لأغراض الخاصة SPACs» لإطلاق شركات جديدة في سوق الأسهم. الشركات الطامعة مؤلفة بالكامل من النقود ممّا يسهل إطلاق شركة في سوق الأسهم مع تجاوز إجراءات طرح الاكتتاب الأولي.
وفقاً لتقرير للفايننشال تايمز، فالشركات الطامعة «وهي شركات صورية هدفها الوحيد جمع المال عبر الاكتتاب للاستحواذ على شركة ثانية»، مشتركة في 50 صفقة في شهر شباط وحده، ليظهر ذلك السباق المكثّف لاقتناص الشركات الناشئة الواعدة، مع القليل من الإيرادات غالباً، والتقييمات المتزايدة باستمرار».
الأسبوع الماضي انتعشت الأسواق المالية بعد أسوأ سقطاتها في تشرين الأول الماضي، ثمّ عادت وانخفضت في 2 آذار بنسبة 0.8% لمؤشر S&P 550 و1.7% لمؤشر نازداك.
التقلبات تشير إلى عاصفة قادمة.
باقتضاب عن: Australian central bank action and Wall Street gyrations indicate a coming storm