السيل الشمالي /2/ الصراع الأوروبي- الأمريكي

السيل الشمالي /2/ الصراع الأوروبي- الأمريكي

يحظى مشروع السيل الشمالي بقدر كبير من الاهتمام الأوروبي والروسي والأمريكي، فمن المفروض حسب الجداول الزمنية أن يكون المشروع قد وضع في الخدمة، إلا أن العقوبات الأمريكية على الشركات المنفذة للمشروع والتي انسحبت منه خوفاً من تلك العقوبات أدت لتأخير المشروع سنة على الأقل، ونجم عن تلك العقوبات تصلب ألماني في دعم المشروع والإصرار عليه في مواجهة عقوبات إدارة ترامب. وهو ما ساهم في تدهور العلاقات الألمانية – الأمريكية والأوروبية- الأمريكية بشكل عام، إضافةً لخلافات أخرى ذات طابع اقتصادي.

 

وتخطط غازبروم الروسية لإدخال خط غاز السيل الشمالي /2/ في الخدمة في هذا العام 2021 وقد بدأت الشركة الروسية بمتابعة التنفيذ بعد تخطي العقبات الأمريكية.

ما جديد الإدارة الأمريكية؟

مع مجيء بايدن طُرحت مسألة رفع العقوبات عن السيل الشمالي /2/ ودخلت ألمانيا مفاوضات حول ذلك مع الإدارة الأمريكية التي وصفت السيل الشمالي /2/ بأنه فكرة سيئة لأوروبا على لسان بايدن، ولكنه مع ذلك أعرب عن استعداده للتشاور مع الدول الأوروبية في هذا الشأن خلافاً لإدارة ترامب التي لم تكن مستعدة للدخول في أية حوارات حول هذا الموضوع.

وتريد واشنطن ربط السيل الشمالي بموضوع إمدادات الغاز الروسي عبر أوكرانيا «مع حصول أوكرانيا على شروط أكثر ملائمة، أي منع روسيا من بيع غازها إلا بموافقة أوكرانيا عملياً». وهذا ما لن يقبله الروس بالتأكيد.

ومن ناحية أخرى سيكون من الصعب على الإدارة الأمريكية إلغاء العقوبات «المفروضة بقانون فيدرالي» حتى لو أرادت ذلك.

وهذه من العقبات التي خلقها ترامب لمنع خلفه من حرية التصرف.

والجديد القديم عند الإدارة الأمريكية هو الغاز الأمريكي المسال مرتفع الثمن والذي تريد واشنطن إجبار الأوربيين على شراءه بدلاً عن الغاز الروسي.

بالمقابل، ترتفع الأصوات الأوروبية في مواجهة ذلك وفي مواجهة الخطوات الجديدة لعرقلة المشروع عبر( قضية نافالني) . فالمستشار النمساوي سيبستيان كورتس أكد أنه لا يرى ضرورة لربط تنفيذ مشروع خط الأنابيب هذا بقضية الناشط الروسي إليكسي نافالني.

وكذلك يرى ((إن أنابيب السيل الشمالي /2/ هي مشروع أوروبي يلبي مصالح العديد من الدول الاتحاد الأوروبي، وأي شخص يعتقد أن خط الأنابيب الجديد في مصلحة روسيا فقط فهو مخطئ)).

وتذهب بعض الأصوات لمطالبة واشنطن بتعويضات نتيجة عرقلتها لخط الغاز ما أدى لشراء الأوربيين غاز مرتفع الثمن.

وتصر القيادة الألمانية والأوروبية على أن سياسات الطاقة الأوروبية تتم صياغتها في أوروبا وليس في واشنطن.

الأيام والأسابيع المقبلة ستشهد تطوراً سريعاً في هذه المسألة على أرضية المفاوضات الألمانية الامريكية حول هذا المشروع في الوقت الذي يجري العمل فيه على إتمام المشروع ووضعه في الخدمة. أي مفاوضات تحت الضغط من قبل الطرفين الضغط الأمريكي بالعقوبات والضغط الأوروبي عبر جعل المشروع أولاً واقعاً لا تراجع عنه.

الطريقة التي ستحل فيها قضية السيل الشمالي ستكون اختياراً للعلاقات الأوروبية- الأمريكية خاصة مع تزايد وتعقد الملفات الاقتصادية بين الطرفين.

فإضافةً لموضوع السيل الشمالي هناك قضية شركات تكنولوجيا المعلومات و الضرائب عليها، والعقوبات المفروضة من قبل الطرفين على منتجات بعضهما البعض- والتحولات الأوروبية نحو الصين في الاتفاق الأخير بين الصين والاتحاد الأوروبي وهو ما نرى فيه الولايات المتحدة تهديدا .

قد يكون السيل الشمالي /2/ الملف الاول الذي دافعت فيه أوروبا عن مصالحها بشكل جدي حتى الان.

اوروبة العملاق الاقتصادي والقزم العسكري ما زالت تطمح لأن تبقى عملاقا اقتصادياً.وهي في ذلك تحاول دفع اقتصاداتها باتجاه مركز النمو العالمي (اسيا ).

والإدارة الامريكية لم تقدم جديدا من حيث الجوهر في هذا الملف رغم ادعاءها بمراجعة سياسات ترامب وهو مايجري من حيث الشكل فقط .ولكن الغاية تبقى نفسها منع السيل الشمالي 2وهو موقف للإدارات الامريكية المتعاقبة .وهو ماتشير التطورات الى انها غاية لن يكون بمقدور الولايات المتحدة فرضها .