ليس كلّ «ما يحمل اسم العمّال» ذهباً
وين مادسن وين مادسن

ليس كلّ «ما يحمل اسم العمّال» ذهباً

بين 1920 و1945، كان الاسم الرسمي للحزب النازي الألماني: «حزب العمّال الألماني الاشتراكي الوطني»، رغم أنّ الحزب لا علاقة له لا من بعيد ولا من قريب «بالاشتراكية» ولا «بالعمّال». فالاشتراكية، سواء بمعناها الماركسي-اللينيني، أو حتّى بشكلها الاشتراكي-الديمقراطي، كانت ملعونة من قِبَل السياسة النازية. حتّى أنّ أدولف هتلر اعترض بشدّة على أوّل اقتراح لإضافة وصف «الاشتراكي» للحزب، لكنّها نجحت بوصفها محاولة يائسة لمناشدة العمّال اليساريين من الطبقة الوسطى الدنيا.

اليوم، نسمع عناصر من الحزب الجمهوري الأمريكي – وبينهم ستيف بانون السياسيّ والمصرفي الذي خدم في إدارة ترامب – يسعون لتغيير اسم الحزب إلى «حزب العمّال الجمهوري». هذه المجموعة تفهم تماماً النجاح الذي حققه النازيون في مناشدتهم لصفوف العمّال لدعمهم. ولكن وكما لم يكن للحزب النازي علاقة بالعمّال والاشتراكية، فالحزب الجمهوري لم يدعم العمّال يوماً. إنّه يمثّل مصالح الطبقة المالية ويخدم مصالح وول ستريت. إنّه لا يدعم حتّى الاقتصاد الحقيقي بل رأس المال المالي. وجميع سياساته مناهضة للعمّال ولنقاباتهم.

منظمة بانون الفاشيّة الدولية، ومقرّها بروكسل وتسمّى «الحركة»، تستهدف بالإضافة للحزب الجمهوري في الولايات المتحدة، أحزاباً في البرازيل حيث بانون مقرّب من الرئيس اليميني جايير بولسنارو وولده السياسي. في 2018 ترشّح بولسنارو عن «الحزب الليبرالي الاجتماعي». قد يظنّ المرء بأنّ سياسة هذا الحزب ليبرالية-اجتماعية، لكنّه سيكون مخطئاً في ذلك. فالحزب يناهض حتّى أبسط ما يسمّى «بالقيم الليبرالية»، مثل الحقوق المتساوية للمرأة، ويدعم الدكتاتورية العسكرية البرازيلية في الماضي. وينطبق الأمر ذاته على الحزب التقدمي البرازيلي، وهو الحزب الذي لا شأن له «بالتقدميّة»، فهو حزب يميني يعتنق القوميّة البرازيلية ويدعو لتصبح البرازيل مَلَكيّة.

بالمثل يمكننا النظر إلى «حزب تجدد العمّال البرازيلي» الذي يدعم سياسات المحافظين المالية وسياسات مؤيدة للأعمال والمحافظة الاجتماعية. يمكن أيضاً توقّع أن يدعم «حزب النساء البرازيليات» حقوق النساء، لكنّه لا يفعل. إنّه حزب مناهض للنساء يؤمن بالنظام الأبوي والمحافظة الاجتماعية.

يمكن إيجاد صدى لهذا الإرباك في أماكن أخرى حول العالم، مثل كولومبيا حيث «حزب الوسط الديمقراطي» الحاكم. إنّه ليس حزباً ديمقراطياً ولا وسطياً. إنّه حزبٌ يمينيّ يمثل مصالح الأوليغارشيّة الكولومبيّة، ومصالح كارتل مخدرات ميدلاين. وبالمثل فليس هناك شيء جذري لدى «حزب التغيير الجذري»، فهو حزب يمينيّ يدعم الحزب الحاكم ورجالاته.

مثالٌ آخر، الأحزاب التي تلصق لقب «مسيحي» باسمها. قد يظنّ المرء بأنّها تلتزم بالتعليم المسيحي الذي ينصّ على التسامح والمساواة، لكنّها لا تفعل. مثال: تحالف المسيحيين الألمان الذي يدعم «إسرائيل» بلا شروط. وينطبق الأمر ذاته على الأحزاب الإسلاموية التي تلصق كلمة «ديمقراطية» بها.

وينطبق الأمر ذاته على السياسيين الذين يسجلون أنفسهم في أمريكا كمستقلين، بينما هم ينتمون لـ«حزب المستقلين الأمريكيين» اليميني الداعم للنازيين الجدد وذو الحضور القوي في كاليفورنيا. وفي أوكرانيا، ينتحلُ حزبٌ يمينيٌّ تسمية «الجبهة الشعبية»، فضلاً عن أنه قام بتنظيم فرع عسكري بشكل خطير، وتدافع عنه واشنطن.

ارتبطت كلمات «شعبية» أو «شعب» تقليديًا بالجبهات اليسارية والتقدمية العريضة التي كان منها: الجبهة الشعبية للرئيس التشيلي الاشتراكي سلفادور أليندي، وقبل ذلك، حكومات ائتلاف الجبهة الشعبية الاشتراكية الشيوعية في الجمهورية الإسبانية الثانية عام 1936، وفي فرنسا قبل الحرب العالمية الثانية. وحيثما أخفقت الجبهات الشعبية قبل الحرب في إسبانيا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا العظمى، كان ذلك بسبب الموقف الغادر للتروتسكيين، الذين كانوا أكثر استعدادًا لتمزيق الجبهات الشعبية المناهضة للفاشية. وتوجد اليوم أمثلة كثيرة على تعاون تروتسكيين مع الفاشيين الجدد ضد أحزاب اليسار الراسخة. لهذا السبب أعرب بانون، في بعض الأحيان، عن إعجابه بـ «الماركسيين اللينينيين». إنها ليست أكثر من لعبة قوِّة لإغراء «الشعبويين» المرتبكين من اليسار، ولا سيما مؤيدي السيناتور الأمريكي من ولاية فيرمونت بيرني ساندرز.

 

اختلاس الأسماء التاريخية والتقليدية لأحزاب العمل والشعب والمساواة والتقدم والاشتراكية ليس أكثر من وسيلة رخيصة تعتمدها الأحزاب اليمينية لتخفي حقيقة توجهاتها.

 

بتصرّف عن: The Fascist ‘Big Lies’ – Deceptive Names Are Back