هل هنالك حقاً انقسام في «العدالة والتنمية» المغربي؟
اشتدت حدة «الانقسام» الجاري ضمن حزب العدالة والتنمية المغربي خلال الأسابيع الأخيرة، على خلفية الموقف من التطبيع مع الكيان الصهيوني... خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية الجديدة التي ستنتج حكومة جديدة.
وتشير المؤشرات إلى عزوف كبير خاصة في صفوف الشباب، حيث لا تتجاوز نسبة المسجلين في اللوائح الانتخابية 3% بالنسبة للشباب المتراوحة أعمارهم ما بين 18 و24 سنة، وترتفع النسبة في صفوف الذين تتراوح أعمارهم ما بين 25 و34 سنة لتبلغ 19%، حسب إحصاءات وزارة الداخلية المغربية.
بالعودة إلى «الانقسام» ضمن العدالة والتنمية، ففي الوقت الذي تعلن فيه أدبيات الحزب (الذي ينتمي إلى التنظيم العالمي للإخوان المسلمين) رفضها للتطبيع مع الكيان الصهيوني، فإنّ الممارسة الفعلية للحزب الذي يرأس الحكومة المغربية للمرة الثانية على التوالي هي بالعكس تماماً من تلك الشعارات؛ فمن وقع على اتفاق التطبيع هو بالذات، سعد الدين العثماني رئيس الحكومة المغربية والقيادي في العدالة والتنمية.
ومن المثير للسخرية حقاً، أنّ رئيس الحكومة السابقة، الإخواني أيضاً، عبدالله بنكيران قد أدلى منذ أيام بتصريح يرفض فيه التطبيع... التطبيع الذي وقع عليه زميله في الحزب، سعد الدين العثماني!
ومن الواضح أنّ هنالك ضمن العدالة والتنمية المغربي انقسامان لا انقسام واحد. الانقسام الأول الذي يتزعم قطباه بنكيران من جهة وسعد الدين العثماني من جهة أخرى، ليس أكثر من انقسام وهمي يستخدم لتضليل المغاربة بمن فيهم البسطاء من قواعد العدالة والتنمية، والذي ربما يقود إلى التضحية بالعثماني لتحميله مسؤولية قرار التطبيع وحده وتبرئة الحزب من هذا القرار.
الانقسام الثاني، هو انقسام حقيقي بين القاعدة الجماهيرية البسيطة للحزب، والتي تنتمي إلى الطبقات الفقيرة ضمن الشعب المغربي وترفض التطبيع، وبين قيادات الحزب التي وافقت على التطبيع ودعمته بمواقفها الملموسة، والتي تحاول عبر «الانقسام الأول» الوهمي إلى المحافظة على وجود الحزب وحظوظه الانتخابية؛ وبكلمة واضحة، تحاول عبره التضحية بسعد الدين العثماني، لصالح استمرار الحزب في مساره نفسه، المتماهي مع الملك المغربي ومع السياسات الغربية المعادية لمصالح الشعب المغربي وشعوب المنطقة عامة...