في الإعلام الأمريكي: (أوليغارشي=سلافي)!
يمكننا حتّى في الإعلام المملوك للشركات أن نجد إشارات للولايات المتحدة على أنّها «أوليغارشيا – حكم الأقليّة الثريّة». يمكننا سماع الرئيس الأمريكي السابق يقول ذلك في لقاء مع «أكاديميا ستاديز» وحتّى في أكثر وسائل الإعلام السائد شهرة: الواشنطن بوست مرّة في 2014 والنيويوركر مرّة في 2014 وفي النيويورك تايمز في 2011 و2015 و2019. ثلاثة رجال يملكون ثروة تفوق ما يملكه الـ 50% الأدنى مجتمعين، ويستخدم الأثرياء في المجتمع مالهم للتأثير في الإعلام والمجتمع والحكومة.
بقلم: آلان ماكلاود ◘
تعريب: عروة درويش
لكن إذا ما كانت الولايات المتحدة أوليغارشيّة، فمن هم الأوليغارش؟ أحد المرشحين لحمل هذا اللقب ممّن احتلوا الأخبار مؤخراً هو الملياردير دافيد كوتش الذي مات في 23 آب 2019. احتلّ كوتش المرتبة الحادية عشرة في لائحة أثرى رجال العالم والمرتبة التاسعة والعشرين كأكثر شخص مؤثر، بثروة تقدّر بأكثر من خمسين مليار دولار. استخدم عملاق الكيماويات والوقود الأحفوري ثروته الهائلة لتمويل منكري التغير المناخي ومنع الجهود الرامية لمعالجة انهيار المناخ. قام بتمويل عدّة مجموعات وسياسيين يمينيين. كما هاجم كوتش النقابات وعارض القيود على الأسلحة ومنع مبادرات النقل العام وأحبط السعي نحو رعاية صحية مؤممة. ولهذا يعتبر بأنّه قام مع أخيه تشارلز بتشكيل الحزب الجمهوري والمجتمع المعاصر أكثر من أيّ أحدٍ آخر.
ورغم ذلك، فحتّى الإعلام الموجه نحو الجمهور الأكثر ليبرالية لم يستخدم مصطلح الأوليغارش لوصفه عند نقل خبر وفاته. كان لقب «المُحسن» الذي خصص الملايين للمستشفيات ومراكز السرطان هو المفضّل بالنسبة لواشنطن بوست وإن.بي.سي وسي.بي.اس. بينما استخدمت النيويورك تايمز لقب «البارز اجتماعياً» و «مُحسن المدينة» الذي منح مليار دولار للإحسان. لقد كانت هذه الكلمات متطابقة تقريباً مع كلمات الإعلام المحسوب على الاتجاه الأكثر محافظة مثل فوكس نيوز وول ستريت جورنال.
وفقاً للإعلام السائد، من هم الأوليغارش؟
كي نتمكن من الإجابة على هذا السؤال أجرينا بحثاً شمل آخر 50 مقالة منشورة في وسائل الإعلام السائد «نيويورك تايمز وسي.ان.ان وفوكس نيوز» والتي تتضمن كلمة أوليغارش، ساعين لنتبين:
- من هم الذين يُشار إليهم بأنّهم أوليغارش؟
- أيّ البلاد تعتبر أوليغارشيّة.
يفغيني بريغوزين وأوليغ ديريباسكا وفيكتور فيكسلبرغ وفيكتور بينتشوك ورومان أبراموفتش وآراس آغالاروف: هذه هي الأسماء الأكثر وروداً في المقالات على أنّهم أوليغارش والذي يبدو واضحاً أنّ وقع أسمائهم جميعاً سلافي «العرق الذي ينتمي إليه الروس». ودون أن يفاجئنا الأمر فهناك فقط مقالان من بين 150 مقالاً بحثنا فيها يصفان أشخاصاً يحملون اسماً ذا وقع غربي بأنّهما أوليغارش. في 15/7/2019 وصف مقال غاضب في النيويورك تايمز أشخاصاً مثل إيلون ماسك وريتشارد برانسون بأنّهما «أوليغارش هائلون». وفي 4/2/2019 نشرت فوكس نيوز مقالاً يهاجم فيه الناطق باسم رابطة البنادق الأمريكية دعاوى السيطرة على السلاح التي يطلقها كوري بوكر ويصفها بأنّها «أوليغارشيّه دستورية». أمّا البقية فجميع المذكورين فيها إمّا من روسيا أو من بلدان الكتلة الشرقية.
في العينة المفحوصة المؤلفة من 150 مقالةـ تمّ وصف روسيا بأنّها أوليغارشيّة في 89 مقالاً، بينما ذُكرت أوكرانيا بهذا الصدد في 35 مقالاً. كما استخدمت الكلمة بذات السياق لوصف بلدان من الكتلة الشرقية سابقاً في 13 مقالاً بالترتيب الآتي: مولدوفا 6 مرّات، كازخستان مرتان، هنغاريا مرتان، جورجيا مرتان وأذربيجان مرّة. كما تمّ ذكر غواتيمالا بأنّ فيها أوليغارش مستحوذون.
وعلى النقيض من ذلك، فقد تمّ ذكر الأوليغارش المتصلين بالولايات المتحدة فقط في 1% من المقالات، وهو الأمر الذي يذهلنا إذا ما أخذنا بالحسبان أنّ علينا أن نفترض بأنّ وسائل الإعلام هذه أمريكية وتخصص وقتاً ومساحة وكلمات أكثر لقضايا الولايات المتحدة من تلك المخصصة لدول أوروبا الشرقية...