مأسسة الطب النفسي والعلاقة مع أصحاب المال الكبار
يزعم المعجم الطبي «للصـحة العقلية» بأنّه يغطّي مساحة شاسعة من التجارب اليومية للبشر. وفقاً لتقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية، فقد تزايدت معدلات الاكتئاب الحاد حول العالم بنسبة 18,4% بين عامي 2005 و2015، ليصل العدد إلى 322 مليون مصاب بالاكتئاب. ويُظهر علم الأوبئة النفسية ارتفاع نسب الإجهاد النفسي والتوتر بين طلّاب الثانويات، وارتفاع معدلات اليأس لدى الطلاب الجامعيين.
تعريب وإعداد: عروة درويش
لقد جعل تطبيب الأشياء «medicalization» من لغة «الصحّة العقلية» أمراً مقدساً وعابراً للأطياف السياسيّة، حتّى بين اليسار. لكنّ هذا الخطاب يريدنا أن نرى معدلات اليأس والخلل الاجتماعي بوصفها أمراضاً بيولوجية وليست عللاً ناجمة عن ظاهرة التفاوت الطبقي المتفشية وظروف العمل البائسة، ويريدنا أن نعتبر الأمر من البدهيات. إنّه هذا في الواقع مرتبط بشدة بتاريخ سياسي.
خلفيات ابتكار الطب النفسي
إنّ مأسسة الطب النفسي، كأمر مُجْمَع عليه، قد تطَّلب تنسيقاً عالياً بين القادة الطبيين والصناعيين وأصحاب المال الكبار الذين دعموا هذه المبادرة.
لقد كان ابتكار الطب النفسي في أوائل القرن العشرين مدفوعاً بالحاجة إلى إيجاد لغة يمكن من خلالها تحويل المشاكل الاجتماعية إلى مشكلات طبية تتم إدارتها بشكل أفضل من قبل خبراء علميين. وعليه فإنّ لغة الطب النفسي والصحة العقلية تبدو وقد تم تصميمها لتقدّم ترياقاً خيالياً وتبريرياً لليأس المزمن في ما يسمى «العصر المُذهّب» - مصطلح يُستخدم للإشارة إلى الفترة الممتدة ما بين العقد السابع للقرن التاسع عشر حتى أوائل القرن العشرين من التاريخ الأمريكي- وذلك تحديداً لكونه قد تمّ ابتكاره وسط اللامساواة الهائلة في الثروة في المرحلة الأولى من هذا العصر.
في حقبة «البروزاك» - وهو عقار مضاد للاكتئاب- ومنتقديه، بات من الشائع وضع قصّة تطوّر العلوم النفسية ضمن إطار الحرب بين التفسيرات البيولوجية والنفسية للاضطرابات العقلية. لكن خطأ هذا التفسير التاريخي هو عدم أخذه بالاعتبار، وأنّ الطب النفسي منذ نشوئه كان مبنياً على تحريك هذا الانقسام، ووضعه بشقيه تحت عنوان ما كان يطلق عليه اسم: «الطب النفسي الديناميكي». لقد كان النضال الحقيقي منصباً على إنشاء مجال طبي تتم إدارته من قبل خبرات علمية غير مسيسة.
لم يكن إنشاء الطب النفسي ونشره ممكناً بشكل مؤسساتي إلّا عبر الدعم المالي الكثيف الذي قدّمه رأس المال الصناعي في العصر المُذهّب، وتحديداً مؤسسة روكفيلر. إنّ قصّة أصل الطب النفسي هي على ذلك قصّة استثمار رأس المال الصناعي جزءاً من أرباحه المذهلة في مأسسة شكلٍ جديد من المعرفة وليس في إنتاج البضائع. شكل يمكنه أن يولّد إجماعاً حول تفسير العلل الاجتماعية بأسباب طبية.
أزمة ماذا؟
ترسّخت فكرة الصحّة العقلية في العقود الثلاثة الأولى من القرن العشرين في الولايات المتحدة، ليس لكونها فكرة قد آن أوانها، بل بسبب التهديد الذي شكلته الأفكار الاشتراكية الراديكالية المنتشرة.
كانت النخب الأمريكية في مطلع القرن العشرين ثملة بالثروة، حتّى عندما كانت مذعورة من شبح ثورة اشتراكية عنيفة. ولم يكن جنون الشك لديها بلا أساس. فالعقود التي تلت الحرب الأهلية كانت هي حقبة التراكم الرأسمالي الذي أدّى بحلول عام 1900 إلى أن تمتلك 1% من الأسر نسبة 51% من الثروة، بينما ملكت ما نسبته 44% من السكان في القاع فقط 1% من الثروة.
بعد الانتقال إلى الاحتكارات الصناعية والائتمان والاندماج، في محاولة لزيادة الأرباح بشكل مصطنع عبر التحكم بالأسعار. عرّض هذا الأمر العمّال العاديين إلى دورات النمو والكساد المصاحبين للمضاربات الرأسمالية. حيث باتت شرائح أوسع من السكان أكثر عرضة لاضطرابات الأسواق المالية. باتت الحرب الطبقية تعكّر صفو البلاد. كانت الهجمات الشعبوية هي المعبّر عن السياسات الطبقية في فترة ما بعد الحرب الأهلية، وكانت هذه الحركات مشكّلة من الفلاحين والمستأجرين والملّاك الصغار. ومع بداية القرن العشرين كان معظم الفلاحين الصغار عبيداً لرهون عقارية بمعدلات فائدة هائلة. كان ما نسبته 70% من القوى العاملة في البلاد قد تحولوا إلى عاملين بأجر، دون أرض وليس لديهم أيّ أمل بالاستقلال عن الأوليغارشيّة الصناعية والمالية.
تسبب البؤس الشديد المصاحب لانتفاخ جيوب المضاربين والنخب الصناعية بازدياد انتشار المنظمات العمالية الراديكالية، ومن بينهم كانت منظمة «عمّال العالم الصناعيين IWW» و «فرسان العمّال» و «الاتحاد الأمريكي للعمّال– AFL». شهدت الفترة ما بين 1870 و1905 أكثر من 37 ألف إضراب.
وفي سعيهم للسيطرة على تحشد الطبقة العاملة، لجأت النخب الصناعية إلى الأعمال المسلحة والشرطة من أجل كسر الحركة العمالية بشكل عنيف كما حدث في عصيان هايماركت 1886 وإضراب منجم فضّة كور دي-ألن 1892 وإضراب بولمان 1894 ومذبحة لولدلو 1914.
كانت النخب مذعورة بسبب موجة الأمراض الاجتماعية الجديدة الناجمة عن هذه التغييرات الديمغرافية والاجتماعية. فبحلول عام 1910 كان التشرّد والتسوّل منتشرين في المراكز الحضرية. ففي شيكاغو وحدها وصل عدد المشردين في الشوارع وفي النزل الرديء إلى خمسة وسبعين ألف متشرد عام 1923، وقدّر مسح حكومي أجري عام 1915 أنّ إجمالي عدد «العاطلين عن العمل» على الصعيد الوطني يبلغ خمسة ملايين، وينمو بمعدل يتجاوز معدلات الزيادة العامة في عدد السكان. ارتفعت نسب الطلاق أو الهجر إلى 20% من الأسر القاطنة في المناطق الحضرية بحلول عام 1930، ممّا أدّى إلى زيادة عدد النساء والأطفال المحتاجين إلى الدعم الحكومي والخيري. وقد زاد انحلال شبكات الرعاية التقليدية بشكل مباشر من عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى ملجأ، حيث كان 74 ألفاً في 1890 وأصبح 150 ألفاً في 1904 وتخطّى 267 ألفاً في 1922.
لقد تجاوزت تكلفة ما تمّ تقديمه للرعاية بمن تمّ وصفهم في حينه بأنّهم «مجانين» كامل المقدمة للإنتاج الزراعي، حيث تزايدت معدلات الأمريكيين الذين تمّ تشخيصهم بأنّهم «مجانين» ضعف معدلات الزيادة في عدد السكان.
باختصار، كان العقد الأول من القرن العشرين واضحاً في أنّ البلاد تعاني من أزمة، لكنّ السؤال كان: أزمة ماذا؟ وفي مواجهة هذا السؤال، تحالف الطب النفسي المشكّل حديثاً مع النخب الرأسمالية ومع فلسفة السياسات الليبرالية الجديدة، ليقول: إنّ هذه الحالات من الاضطرابات الاجتماعية يمكن فهمها في ضوء مشاكل الصحّة العقلية.
العواطف بوصفها مادة سياسية
إن أردنا أن نفهم الظروف التي تمّت فيها الإشارة «للصـحّة العقلية» بوصفها العلاج الكلي لأمراض الولايات المتحدة، فعلينا فهم الأشكال المهيمنة للأفكار السياسية التي نشأت بوصفها جزءاً من الإجماع الليبرالي الجديد. قدمت حقبة «الليبراليين الجدد» التصاعدية وصفة تناغم وتطابق اجتماعي لأمّة يمزقها الصراع الطبقي والأمراض الاجتماعية. كانت هذه الرؤية للمجتمع بوصفه كائناً موحداً مضمونة من خلال «التكييف العاطفي» و«الصحّة العقلية» للفرد. سيتم تأمين نجاحها من خلال حكم خبراء تكنوقراط مجبولين على الخير، مدربين ومحقونين في نظام الجامعات الجديد في البلاد.
وفي مواجهة الشبح الحتمي للانهيار الاجتماعي، أو الثورة المتمددة في روسيا، شرع الليبراليون في مطلع القرن الماضي في مشروع سياسي يثبته إعادة تعريف الديمقراطية. فلم تكن الوحدة الأساسية للسياسة هنا هي المُلكية، بل النفسيّة. فقد قامت هذه النظرة الفلسفية- السياسية بوضع مسألة المُلكية (من عدمها) جانباً، ومنحت الأولوية للفرد بوصفه كينونة نفسيّة متكيفة على الدوام مع العادات الثقافية، وتُعتبر ذات علاقة بالوحدة المتماسكة اجتماعياً، غير قابلة للتشظي بسبب الصراع الطبقي.
وعليه فقد قام الليبراليون الجدد بنوع من الخدعة السحرية: فقد حولوا عبر تلويحهم بِعَصَا التكنوقراط النفسي فوق مشهد اللامساواة الاقتصادية العميقة الموضوع من سياسة ما يملكه المواطن إلى المجال النفسي المسيس حديثاً.
اختلفت الفلسفة السياسية لليبراليين الجدد عن سابقاتها في ثلاثة مجالات رئيسة. أولاً: بدلاً من الفرد ذي الإرادة الحرة الذي تفترض الليبرالية الكلاسيكية وجوده، تَنظر الليبرالية الجديدة إلى الفرد بوصفه يحفز من دوافع غير واعية وتشكيلات تحدث عادة تحت سطح الفكر الواعي أو الاختيار. فوفقاً لهم، يتشكل الفرد من تراكم عاداته. فكما كتب المختص النفسي البراغماتي المؤثر وليام جيمس عام 1890:
«وعليه فإنّ العادة هي العجلة الهائلة للمجتمع، وهي أغلى عوامله المحافظة. إنّها وحدها من تبقينا جميعاً داخل حدود الطاعة، وتحمي أطفال الأثرياء من ثورات الفقراء الغاضبة. إنّها وحدها التي تمنع أن يتم هجر أكثر سبل الحياة مشقّة وحرماناً من قبل أولئك الذين اعتادوا أن يسيروا عليها. إنّها تُبقي الصيّاد وعامل السفينة في البحر خلال الشتاء، وتحتجز عامل المنجم في ظلمته، وتُثبّت المزارع في حجرته وأرضه الوحيدة خلال أشهر الثلج. إنّها تحمينا من غزوات أهل الصحارى والمناطق المتجمدة... إنّها تحتفظ بالطبقات الاجتماعية المختلفة بعيدة عن الاختلاط».
نموذج سوء التلاؤم
اعتمد نشوء الطب النفسي في الولايات المتحدة على التواطؤ في المصالح بين النخب الليبرالية الجديدة والطبقة الحاكمة المالية والصناعية ومتبصري الطب النفسي الحديث حينها، والذين كانوا يبحثون عن دعم مؤسساتي. فقد وجد الليبراليون الجدد، وكتلة الطبقة الرأسمالية الحاكمة في الطب النفسي وسيلة لصبغ السياسة بصبغة طبيّة، ممّا يسهل التحكم الاجتماعي ويؤمّن قبول التوافق الإيديولوجي.
فقد قام المتبرعون الصناعيون من جانبهم بتزويد الطب النفسي بدفقات التمويل الهائلة اللازمة لمأسسة الإذعان. وكان الهدف الموحد لدى جميع الأطراف هو إعادة تأطير المشاكل الاجتماعية والسياسية بوصفها مسألة اعتلال طبي- بيولوجي، والذي يمكن إدارته بأفضل ما يمكن من خلال مسحة المختصين نفسياً المقدسة.
في بداية القرن الماضي لم يكن هنالك اختصاص موحد يدعى بالطب النفسي. كانت رعاية المرضى في المصحات العقلية من اختصاص أطباء يسمون «معالجي التغريب alienists»، وكانوا لا يتشاركون إلا القليل جداً مع الأطباء المتخصصين، أو مع أطباء الأعصاب. كان يتم تقييد المُشَخَصين بالجنون في المستشفيات ولكنّهم لم يحصلوا إلا على قليل جداً من العلاج النشط، وكان يُنظر إلى نوع الجنون الذي يحتاج إلى مأسسة بأنّه مختلف عن مشاكل الحياة اليومية.
الرجل الذي كان يسعى لإنشاء طب نفس الإخضاع كان يدعى أدولف ماير، وكان متدرباً في جامعات ألمانيا على طب النفس التجريبي، وكان تواقاً للحصول على الدعم المالي لمأسسة رؤاه. الرؤى التي لم تكن أقل من إنشاء علمٍ عامٍ للعقل موجه بشكل محدد بما يخدم أهداف الليبراليين الجدد.
لقد كان مفهوم «سوء التلاؤم» هو حجر الأساس للطب النفسي الأمريكي، حيث ادعى بأنّه مجال موسع مؤهل للحكم العلمي على الصحّة العقلية للبلاد. فكما كتب ماير عام 1907: «إنّ هدف الطب النفسي المبني على قواعد بيولوجية، هو مساعدة الناس في إيجاد مكانهم في الطبيعة وفي النسيج الاجتماعي، وذلك للوصول إلى رؤىً بنّاءةٍ عوضاً عن الانسياق للدعاية المدمرة عن الوعي الطبقي والتركيز الطبقي، وذلك لبذر أسباب الثقة بدلاً من الغضب والشك الصبياني، والتدخل حيث نريد النوع الصحيح من النظام وضبط الذات، وذلك لتحقيق الاتزان والرضى في ظلّ نظامٍ ثوري مبدعٍ بدلاً من نظامٍ عنيفٍ».
بحلول العشرينيات بدأت رؤى ماير تتثبت. فقد تمّ إنشاء الجمعية الأمريكية للطب النفسي «APA» عام 1921 لتأخذ على الفور دوراً ريادياً في تقديم الإطار النفسي كأمر رئيس في حلّ مجموعة متنوعة من المشاكل الاجتماعية. قام رئيس الجمعية ألبرت باريت في خطابه الرئاسي عام 1922 بالإشادة بالدور الجديد للطب النفسي: فهو لم يعد مقتصراً على المصحات العقلية، بل يجب أن يمتد ليؤثر في أيّ مكان «يضطرب فيه المسار السلس للتقدم الاجتماعي».
المرض والطبيعة
لطالما كان الهدف النهائي: إظهار الطب النفسي على أنّه طب الطبيعة وليس طبّ الأمراض: ولهذا كان يجب إيجاد الموقع المرضي داخل عالم الحياة الطبيعية، وليس في موقع متميز عنها. تمّ تحقيق هذا الهدف بشكل كبير بحلول عام 1920، لكنّ إنشاء الطب النفسي كان يتطلب إعادة تكييف هائلة على مدى عقدين لنظام المصحات العقلية. فقد اعتمد على دمج نظام الجامعات الجديد في البلاد مع الصيغ المنشأة حديثاً لمشافي الطب النفسي، والمخصصة لإدخال الطب النفسي في قلب الحياة اليومية.
تمّت إعادة صياغة دور مستشفيات الطب النفسي: فالأماكن التي كانت مقارّ احتجاز للمجانين المزمنين يوماً ما، باتت الآن مجرّد مواقع تعالج أولئك الذين عانوا من مشاكل مزمنة في التلاؤم والتكيّف. فكما وصف الأمر أحد مشاهير الطب النفسي ألبرت دويتش، كانت مشافي العلاج النفسي: «مراكز تبادل معلومات تقوم بفرز الأشخاص الذين لا تكون انحرافاتهم العقلية من نوع أو درجة تجعلهم غير ملائمين اجتماعياً، عن الأشخاص الذين تتطلب اضطراباتهم (طويلة الأجل) الدخول إلى مثل هذا النوع من المستشفيات».
لقد كانت مستشفيات العلاج النفسي هي جوهرة التاج في الطب النفسي الليبرالي الجديد، فقد مزجت الأبحاث الجامعية والعلاجات الفعالة، مستندة إلى ما يمكن صياغته بكلمات المؤرخة كريستين شيا: «العلل العقلية هي السبب في انتشار الأمراض الاجتماعية التي تشمل الجريمة والدعارة والمشاكل العمالية والعصيان المدني والانحرافات الشبابية». تمّ على الفور دمج مستشفيات الطب النفسي في نظم الرقابة القانونية والاجتماعية، حيث عملت جنباً إلى جنب مع محاكم الأحداث ولجان السجون وهيئة الحوادث الصناعية وهيئة الهجرة.
وخلال فترة قصيرة شهدت المستشفيات الجديدة تحولات جذرية من حيث المرضى: فبعد عام واحد على افتتاحه، عاين مستشفى بوسطن للطب النفسي أكثر من عشرة آلاف مريض خلال عام واحد.
الطب النفسي ضدّ الشعور الطبقي
أصرّ القادة العماليون على الطبيعة المتشظية للمجتمع، الطبيعة التي ترعاها المصالح الطبقية والملكية. وبكل تأكيد كانت المحاولة لتحييد التحليل الطبقي موجودة في قلب مأسسة الطب النفسي، وبالتالي تحييد السياسات العمالية الراديكالية. فكما كتب ماير عام 1919 في مقال بعنوان: «عدم الرضى، مشكلة نفسية صحيّة»: «عندما نريد أن نحافظ أو ننشئ ديمقراطية عصرية، فإنّ علينا أن ندع القادة العماليين والجميع يدركون بأنّ المظاهر العديدة لعدم الرضى تتغذى على الرغبات الشخصية التي لا يمكن بشكل من الأشكال أن يتم إرضاؤها، ويجب تحويلها أو إعادة تنظيمها بشكل صحيح... أعتقد بأننا جميعاً راغبون بالاعتراف بأنّ الذَّم وعدم التشجيع والميول العدوانية هي من بين أعظم أعداء الفاعلية لدى كلّ الأفراد والمجتمعات. وكونهم بعيدين عن صيانة الطبائع، فإنّهم يصبحون خطراً على التكيّف النفسي- البيولوجي. إنّ مرض عدم الرضى يعبّر عن نفسه في الإضرابات العمالية، وكذلك بطرق نموذجية أخرى في مختلف المهن، مثل: خادم المنزل المتذمر، عندما نزرع ونشجع الشعور الطبقي»