روسيا - الصين: التحالف الذي لا تطيقه واشنطن
لا تعتمد حسابات الاقتصاد العالمي على الوصول إلى موارد وتكنولوجيات الطاقة فحسب، بل تعتمد أيضاً على توافر ممرات النقل. فقد فتحت تركيا أكبر مطار في العالم في اسطنبول، وهي تبني قناة جديدة موازية للبوسفور. وتقيم الصين فروع السكك الحديدية عبر آسيا الوسطى والقوقاز إلى أوروبا كجزء من مشروع طريق الحرير وتقوم ببناء بديل لقناة بنما في نيكاراغوا. ولا تحتاج الولايات المتحدة، على وجه العموم، إلى مثل هذه المشاريع بسبب موقعها الجغرافي بشكل خاص، حيث يتم الاتصال مع أكبر الشركاء التجاريين، الصين والاتحاد الأوروبي، عن طريق البحر والجو.
لكن بالنسبة لروسيا، فإن توسيع خطوط النقل أمر حيوي لتسريع وتوسيع التجارة مع الأسواق الناشئة في آسيا وأوروبا والعمل كبلد عبور بينهما. فهل تملك موسكو "طريق الحرير" الخاص بها؟
منافع اقتصادية
يبلغ طول الممر "الشمالي - الجنوبي" 7.2 ألف كيلومتر، مما يسمح بتسليم البضائع من الهند إلى روسيا قبل 20 يوماً من الطريق التقليدي عبر قناة السويس. وسيتم تخفيض تكلفة النقل بنسبة 30-40 ٪. بالإضافة إلى ذلك، يمكن زيادة سرعة النقل.
إن المشروع الذي يربط بين روسيا والهند وإيران سيتمتع بإمكانات كبيرة إذا انضمت إليه أوروبا وشرق آسيا.
هل هو بديل ل "طريق الحرير" الصيني
لدى روسيا والصين بيان مشترك حول ربط مبادرات التجارة الخارجية وعمليات التكامل، مثل بناء الاتحاد الاقتصادي الأوروبي الآسيوي ومبادرة طريق الحرير.
طريق الحرير الصيني، في الواقع، ليس طريقاً واحداً، بل هو عبارة عن العديد من ممرات النقل. وتتطور اليوم ممرات صغيرة بنشاط، وفقا لنوع الممر الصين - باكستان - أفغانستان. وينمو أيضاً أطول ممر أوروبي آسيوي جزئياً. وتستثمر الصين الكثير من الأموال هناك. الأهم من ذلك، أنها مصمَمة لنقل البضائع الصينية إلى بلدان أخرى، في المقام الأول إلى أوروبا وبشكل عام إلى الغرب. وبالتالي، يتم توجيه هذا المسار وتوفيره من جانب واحد، وعلى الأرجح، لصالح طرف واحد. يتم ترتيب الممر الشمالي الجنوبي بشكل مختلف، وهو أكثر إثارة للاهتمام لجميع المشاركين، لأنه لا يوجد بلد واحد يجب أن يتحكم فيه. لذلك، لن يكون الممر "الشمالي والجنوبي" بديلاً لمشروع "طريق الحرير الجديد"، بل سيكون إضافة له ومكملاً.
فوائد جغرافية سياسية لروسيا
من وجهة نظر الاقتصاد الجغرافي، فإن ممر الشمال والجنوب مهم لموسكو. وهو يربط إيران، التي تخضع لضغوط العقوبات، التي أعربت بالفعل عن رغبتها في بيع النفط إلى أوروبا عبر الأراضي الروسية.
كما سيعوض ممر الشمال والجنوب عن تكثيف مشاركة أذربيجان في المشاريع الأوروبية - الصينية، ولا سيما مركز النقل في باكو - تبليسي - كارس الذي بدأ في بداية العام، وسوف تربط باكو على نحو أوثق بالاندماج الأوروبي الآسيوي. والاقتصاد الهندي المتنامي في مواجهة مع الصين والفوضى في الشرق الأوسط سيحصل على "باب" السوق الأوروبية. بالإضافة لشراء منظومة "إس-400" الروسية بالروبل وإن مشاركة الهند في مجموعة "البريكس" المناهضة للولايات المتحدة يعتمد جزئياً على الآمال التي تعلقها نيودلهي على موسكو.
في الوقت الحالي، إن معدل التبادل التجاري بين المشاركين في الشمال والجنوب منخفض للغاية. ولم تحقق الهند وروسيا في عام 2017 سوى تسعة مليارات دولار، أي أقل بعشر مرات من الهند والصين. والوضع أسوأ بين روسيا وإيران، حيث إن حجم التبادل التجاري المتبادل، ملياري دولار، أقل بـ 30 مرة من الإيراني ـ الصيني. يتم ازدياد التداول بين موسكو و باكو بقيمة 2.6 مليار دولار. وإن الانتهاء من مشروع الشمال والجنوب وتحديث وسائل النقل بين المشاركين سيغير هذا التوازن الهزيل.
بالحديث عن ممر "الشمال والجنوب"، لا يمكننا تجاهل حقيقة أن "طريق الحرير الجديد" الصيني لديه عدة طرق، بما في ذلك من خلال الشرق الأقصى وسيبيريا، والقطب الشمالي. وفي ضوء ضغوط الحرب التجارية والاقتصادية التي يقوم بها دونالد ترامب ضد الصين، فإن أهمية الاتجاه الروسي لطريق الحرير الجديد ستكون أعلى.