نسخة مكررة عن أداء أجهزة الدولة في البلدان العربية: السودان على صفيح ساخن..
على وقع تجاهل حكومة الخرطوم للآثار الاجتماعية المترتبة على قرارها رفع أسعار المحروقات والمشتقات النفطية على زيادة الفقراء فقراً في البلاد التي تعد من أغنى دول القارة الإفريقية ولكن مع أدنى معدلات مستوى دخل الفرد، وأعلى مستويات انتشار الفقر والجهل والبطالة، تفجر الشارع السوداني غضباً لتقابله السلطات بالحديد والنار، موقعة عشرات القتلى والجرحى المدنيين، في تكرار «كلاسيكي» لتعامل أجهزة الدولة مع الاحتجاجات الشعبية الناجمة عن تراكم مساوئ السياسات الليبرالية، في وقت يفاخر فيه الرئيس السوداني عمر حسن البشير باستخفاف شديد على صدر الصحف الرسمية بأنه يتحدى أي «زول»- يعني شخص- كان يعرف «الهوت دوق»- أي «الهوت دوغ»- قبل وصول الإنقاذ للحكم..!
بيان «الشيوعي السوداني»
وقد أصدرت سكرتاريا الحزب الشيوعي السوداني في 25/9/2013 بياناً أكدت فيه على ضرورة استمرار المظاهرات والاحتجاجات ضد الزيادات في الأسعار، ولرفض تخريب الممتلكات والمنشآت العامة، والمطالبة بإطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين فوراً، وضرورة بناء أوسع جبهة لتطوير وتنظيم المعركة نحو العصيان المدني والاضراب السياسي حتى إسقاط النظام.
وأوضح البيان: أنه كان طبيعياً أن تنفجر المظاهرات الهادرة ضد الزيادات في أسعار المحروقات والتي بدأت من مدينة «ود مدني» الباسلة، وامتدت إلى بقية مدن السودان الأخرى: أم درمان، والخرطوم، والخرطوم بحري، ونيالا، وكوستي وعطبرة والقضارف، ورفاعة والكاملين والمناقل وبقية المدن في غرب وشمال وشرق السودان، إضافة لمظاهرات طلاب الجامعات والثانويات، ولقد عبرت كل القوى السياسية والحركات الحية في المجتمع عن رفضها لتلك الزيادات التي كانت فوق طاقة الجماهير التي أنهكها الغلاء والفقر.
وعبثاً حاولت السلطة الحاكمة التي تعبر عن مصالح الطفيلية الإسلاموية الجشعة والتي تحاول حل الأزمة على حساب الجماهير ولتمويل حروبها والصرف البذخي على جهاز الدولة وأمنها المتضخم، حاولت أن تقلل من أهمية تلك المظاهرات بنسبها لعناصر «مندسة»، و«للشماشة»، وهي لغة نظام نميري ذاتها في أيامه الأخيرة خلال انتفاضة آذار- نيسان 1985.
وأضاف البيان: وكي نواصل المعركة حتى الانتصار والخلاص من هذه الطغمة التي فشلت في إدارة البلاد، لابد من سلاح التنظيم، لتوسيع تحالف قوى الإجماع الوطني ليشمل الحركات والشباب والطلاب والنساء والمزارعين ومتضرري السدود والمفصولين تعسفياً، وبقية منظمات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية، بهدف قيادة المعركة بحكمة وجرأة وثبات حتى إعلان العصيان المدني والإضراب السياسي وإسقاط النظام، وتكوين حكومة قومية انتقالية تنجز مهام التحول الديمقراطي ووقف الحرب، وعقد المؤتمر الدستوري، وعقد المؤتمر القومي الاقتصادي وتحسين الأوضاع المعيشية، وبقية مهام البديل الديمقراطي حتى قيام انتخابات حرة نزيهة في نهاية الفترة الانتقالية.
وإنه لمن المهم اليقظة ضد مخططات الأمن وأعداء الشعب لحرق الممتلكات والمنشآت العامة، والتي هدفها تشويه صورة شعب السودان، والتمسك بسلمية المظاهرات وحماية المنشآت والممتلكات العامة، حتى نقفل الطريق أمام الانقلابات العسكرية التي تقطع تطور الثورة السودانية وسيرها حتى استعادة الديمقراطية والحقوق الأساسية، وجلب أوسع تضامن عالمي معها.
ارتماء في أحضان صندوق النقد والبنك الدوليين
كما أصدرت منظمة الحزب الشيوعي في المملكة المتحدة وإيرلندا بياناً بتاريخ 24/9/2013 أشارت فيه إلى سقوط عشرات الشهداء والجرحى من المواطنين العزل في مظاهرات سلمية بمدينة نيالا تعبيراً عن رفضها للإرهاب والاغتيالات التي عمت المنطقة، ولرفضها تقاعس الدولة عن حماية المدنيين وتسترها على تجاوزات مليشياتها التي صارت تحكم المدن والقرى بالحديد والنار. ويفاقم في هذا الوضع المأساوي الانهيار الاقتصادي المريع وتدني مستوى معيشة المواطن التي هي في الأصل دون حد الفقر والكفاف.
وأكد البيان على أن الحزب الشيوعي السوداني عكف بدأب ومثابرة وعبر كل المنابر، خاصة صحيفة الميدان على تمليك الحقائق عن الوضع الأمني والاقتصادي والسياسي المتدني نتيجة لسياسات حكومة المؤتمر الوطني ومؤسسات الرأسمالية الطفيلية المملوكة لبطانته وسدنته، وهاهم يسعون للمزيد من الإفقار للمواطنين بما يسمى برفع الدعم عن المحروقات، وما من دعم هناك في الأصل، كما أوضحنا في بياناتنا وندواتنا العديدة، بل هو ارتماء تحت أقدام صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والاستسلام لوصافتهما القاتلة. فقد أشارت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في بيانها في حزيران من هذا العام للآتي:
بيان حزيران
«إن الفساد ونهب الأموال العامة لم يعد خافياً على أحد، فعائدات وزارة الكهرباء والسدود لا تدخل الموازنة، وكل مبيعات البترول بالسوق المحلي أيضاً لا تجد طريقها للخزينة العامة، والوزارات والمؤسسات العامة تواصل تجنيب الأموال العامة للصرف على المصالح الخاصة، وعائدات بيع القطاع العام تحت اسم الخصخصة لا يجري توريدها لوزارة المالية، وكل منشأة عامة باتت إمبراطورية مالية لمصلحة المؤتمر الوطني ومنسوبيه، وبينما يخفض النظام الضرائب- بل ويلغيها- على البنوك وشركات الاتصالات ولا يتورع عن مواصلة النهج المعادي للشعب من خلال رفع أسعار المواد البترولية وضروريات الحياة الأخرى، وهي سياسة مقصود بها المزيد من إفقار الناس وتجويعهم لمصلحة بقاء النظام وامتيازات الطبقة الحاكمة».
وحذر بيان اللجنة المركزية في حينه من أن أي زيادة في أسعار المحروقات البترولية ستقود إلى ارتفاع أسعار كل السلع والخدمات الأخرى، وتلحق الضرر بالزراعة والصناعة والنقل وبمجمل النشاط الاقتصادي. وسترتفع تبعاً لذلك معدلات البطالة والتضخم، وستتدنى الأجور الحقيقية وتستفحل الضائقة المعيشية، كما ستلقي بأثرها على الطلب الكلي وعلى القدرة التنافسية للمنتجات المحلية في السوق الداخلي والخارجي مما يعني المزيد من عجز ميزان المدفوعات والميزان التجاري...!