«الأسرار الخفية» للتفاؤل التاريخي!
قرأت باهتمام زاوية الكاتب المحترم حسن م. يوسف في صحيفة «الوطن» يوم الأحد 24 من الجاري، تحت عنوان «التكامل بين الأخلاق والسياسة»، التي يعلّق فيها على كلام جاء على لساني خلال اشتراكي يوم الأربعاء الماضي في حلقة من برنامج لعبة الأمم على قناة الميادين.
وهنا لا أكتب رداً على مادته، بالمعنى التقليدي لكلمة رد؛ بما تنطوي عليه من خصومة، بل أحاول التفاعل مع الأفكار التي طرحها في مادته التي قرأت فيها نوايا طيبة رغم شكلها الانتقادي.
«لا أريد أن أناقش الأسرار الخفية للتفاؤل التاريخي للسيد دليقان، فحال ما يسمى «المعارضة الوطنية» لا يخفى على أحد»، كذلك يكتب الأستاذ حسن تعقيباً على قولي: «المعارضة الوطنية الجدية هي اليوم في أفضل أحوالها». وإذ أؤكد ما قلته حول المعارضة الوطنية أضيف، لا أسرار خفية مطلقاً، هو فقط السر المباح الذي يحاول الكثيرون التنكر له وإغماض عيونهم عنه علّه يختفي: التوازن الدولي الجديد الذي يتقدم فيه بخطا ثابتة وواسعة إلى الأمام حلفاء الشعب السوري الحقيقيون وعلى رأسهم روسيا والصين، الأمر الذي تمت ترجمته بالقرار 2254 وستكتمل تلك الترجمة بتنفيذه في آجال قريبة جداً.
أما عن المعارضة الوطنية الجدية ووضعها، فالأمور تقاس بنتائجها. وبكلام آخر، فإن أي قوة سياسية يقاس نجاحها ووضعها ككل، بمدى تحقق شعاراتها على أرض الواقع، والشعارات التي رفعتها المعارضة الوطنية الجدية -ومنصة موسكو وما تمثله من أحزاب وقوى جزء أساسي من هذه المعارضة- والتي قالت فيها بالحوار والحل السياسي مخرجاً وحيداً من الأزمة وبالتغيير الجذري الشامل، هي ما يتحقق اليوم على الأرض مدعوماً بحلفاء الشعب السوري وبقرار من مجلس الأمن فرضه هؤلاء الحلفاء، وهي الشعارات التي تقف القوى المتشددة في الأطراف جميعها عاجزة أمامها، غير قادرة على التلفظ برفضها، رغم كرهها لها وهيامها بشعارات الحسم والإسقاط.
إنّ ميزان القوى الدولي الجديد ذاته، والذي تتراجع بموجبه القوى الغربية التي لم ترد لشعوبنا خيراً ولو ليوم واحد خلال قرون مضت، بما في ذلك «فترة اللبرلة الاقتصادية والانفتاح والبحث عن الشراكة الأوروبية والعلاقات الجيدة مع تركيا وقطر وإلخ»، إن هذا التوازن يضعنا اليوم على عتبة نهاية درب آلام الشعب السوري، وعلى منصة الانطلاق نحو تغيير جذري شامل في سورية، يحفظ وحدتها ووحدة شعبها ويعيد لها سيادتها المنتهكة، ويضعها في موقعها الإقليمي المتلائم مع وظيفتها التاريخية المعادية للكيان الصهيوني وللمشاريع الغربية الاستعمارية بمختلف أشكالها، وهذا أمر يدعو للتفاؤل بلا أدنى شك، ويوحد الأخلاقي مع السياسي بأن يُخضع السياسي لمصلحة الشعب السوري، لمصلحة الأغلبية المنهوبة، موالاة ومعارضة، والتي دفعت الأثمان وحدها، فيما كان تجار الأزمات والحروب والفاسدون الكبار يراكمون الدماء السورية أموالاً في البنوك الداخلية والخارجية.
ولذا أدعو الأستاذ حسن، الذي أودّه حقاً، وإن لم تكن بيننا معرفة شخصية، أدعوه للتفاؤل، وكذلك عموم الشعب السوري مدعو أيضاً، ليس للتفاؤل فحسب، بل للتحضر للمعارك السياسية الحقيقية للدفاع عن مصالحه ولقمة عيشه ضد ناهبيها أياً كانت الطرابيش التي يلبسونها.
أمين حزب الإرادة الشعبية ورئيس وفد منصة موسكو في الجولات 5 و6 و7 من مباحثات جنيف
نقلا عن صحيفة الوطن السورية