في جنيف... جاري (شد البراغي)!
لم تنجل حتى الآن الصورة الدقيقة لما سماه دي مستورا بجولة (business-like approach)، وهو ما يمكن ترجمته بجولة مباحثات تأخذ طابعاً شبيهاً بجلسات التفاوض التجاري العملي.
قد يتضمن التعبير السابق، إضافة للحديث عن غرف أصغر من السابقة، إيحاءً مقصوداً بأن هنالك انتقالاً نحو نقاش التفاصيل وبشكل عملي، لكنّ مقاربة أوسع للمسألة قد تكشف جوانب أكثر أهمية من هذا (الشكل) غير الواضح حتى الآن...
بين الأمور المساعدة على الفهم، فيما نظن، كلام السيد دي مستورا عن ضرورة (دق الحديد وهو حامٍ) ربطاً بنتائج أستانا الأخير واتفاق مناطق تخفيض التصعيد الموقع فيه، كذلك الفترة القصيرة بشكل غير مسبوق لجولة جنيف الحالية (أربعة أيام عمل).
بكلام آخر، ربما يكون في نية دي مستورا تظهير مسار جنيف ومحاولة إعطائه بعض الزخم، وإن شكلياً، للربط بينه وبين أستانا وللتذكير بأساسيته، ولكن مشكلة هذا السيد (الرخو) تكمن في مسألة جوهرية هي اعتقاده وفهمه الخاطئ أن مسار جنيف ليس الأساسي وإنما هو نتاج لما يجري (على الأرض) بأضيق مفاهيمها، أي على الميدان العسكري السوري، ومنطقه هذا يتفق مع منطق النظام ومتشدديه خاصة، وكذلك مع منطق مجموعة الرياض، ويتناقض مع منطق القرار 2254، والأهم من ذلك أنه يتناقض مع ما يجري (على الأرض) أيضاً، أي على (الكرة الأرضية) بأسرها، من تغير في موازين القوى الدولية.
إنّ هذه (الرخاوة) وما يكمن وراءها من فهم قاصر، تضع على عاتق القوى التي تعمل بصدق من أجل الحل السياسي أن تسارع إلى شد البراغي الرخوة كما تفعل في كل جولة من جولات جنيف، وهو ما ستظهر نتائجه خلال وقت قصير...