ضجيج جنيف،  وأمريكا الخرساء، ومنصة واشنطن!

ضجيج جنيف، وأمريكا الخرساء، ومنصة واشنطن!

من جملة ما يلفت الانتباه، في مواكبة جنيف، هو الصمت شبه التام من طرف الإدارة الامريكية تجاه الجولة الراهنة من المفاوضات، على غير عادة الإدارة والإعلام الأمريكي الذي يدس أنفه حتى في موضوع العلاقات الزوجية على امتداد خريطة العالم، فكيف يمكن أن نفهم، هذا الصمت الامريكي المريب، في قضية بمستوى القضية السورية؟

بالمعنى المباشر، وقبل كل شيء، يعكس هذا الصمت الانقسام الأمريكي، وعدم قدرة الإدارة الامريكية على حسم خياراتها، بسبب الانقسام المعلن ضمن هذه الإدارة، الذي يتعمق على خلفية تراجع الدور الامريكي، و يؤدي إلى عجز واشنطن عن التحكم بالمسارات مثل السابق، مع الإشارة الى أن تراجع دور القوة العظمى، لا يعني افتقادها كل الاوراق، ولكن، ماهي هذه الأوراق، وكيف ستستعيد فعالية الدور، بعد أن فقدته، إثر خروجها المذل، على أثر تنصل البنتاغون من اتفاقية وقف الأعمال العدائية التي وقعتها الخارجية الأمريكية، مع الجانب الروسي أيلول الماضي، وبعد المنعطف الذي بدأ مع صدور بيان موسكو الثلاثي ...؟

بالتوازي مع الصمت الأمريكي، تجاه مفاوضات جنيف، تجري في الشمال السوري، تحركات عسكرية أمريكية عنوانها الأبرز، «تحرير الرقة» التي وكما يبدو تريدها واشنطن «منصة» لاستعادة الدور، ولكن هذه المحاولة أيضاً أمام تحدي كبير، يتجسد في توتر العلاقات الكردية – التركية، والعلاقات الأمريكية مع الطرفين، ضمن محاولات الاحتواء المركب، التي ستدفع واشنطن في اللحظة الأخيرة إلى التفريط بأحدهما، وعلى خط ثالث، ثمة تجاهل لافت لمفاوضات جنيف من قبل بعض قوى ورموز المعارضة السورية، وصمت يدعو الى التساؤل هو الآخر، إذا استثنينا «المناحة» التي أقامها أحدهم، يوم أمس بالقرب من مقر الأمم المتحدة، في جنيف «ناعياً» الجولة.
من العبث التفكير بإمكانية إيقاف قطار التفاوض مجدداً، ولكن، من السذاجة أيضاً تجاهل ما تبقى من أوراق لدى واشنطن وعموم حلف الحرب، وامكانية الشغب في الميدان السوري، لاسيما في ظل ضغط عامل الزمن الذي بات عنصراً أساسياً في المعادلة السورية.

ما بين عبثية التفكير، والسذاجة وخطرهما، وخطأ اعتماد قراءة  المشهد السوري ضمن إحداثيات إحداها دون الأخرى، من المفيد التذكير بما أكده رئيس الدبلوماسية الروسية سيرغي لافروف قبل ما يقارب الشهر، عندما سئل عن المطلوب في الساحة السورية، فرد بالقول: «العمل، العمل ، العمل..» لعله كان يقول للسوريين في كل المواقع: لا تضيعوا المزيد من الوقت، ولا فائدة من الثرثرة...
 
 

آخر تعديل على الإثنين, 27 شباط/فبراير 2017 13:14