اسألوا أهل الجزيرة السورية ماذا يريدون؟
واهم من يظن أن التصعيد الجاري في محافظة الحسكة السورية هو خطوة نحو «تقسيم سورية»، أو أنّه رد على «نوايا تقسيمية» بغية «الحفاظ على وحدتها». جوهر المسألة هو محاولة «الحفاظ على الحرب»، ومحاولة تمديدها لتشمل المنطقة بأسرها..
مسألة التقسيم، بمعنى الوصول إلى كيانات مستقرة، هي وهم كامل. فلا التوازن الدولي يسمح بالتقسيم، ولا الوضع الإقليمي يسمح، ولا حتى الداخلي. إنّ المقصود من الاشتغال على "التقسيم" وعلى "التخويف من التقسيم" هو تحويل هذه المسألة إلى بارود مشتعل لتمديد الحرب القائمة وتوسيع نطاقها ليشمل المنطقة الممتدة من قزوين إلى المتوسط، التي بإحراقها فقط يمكن تأجيل البت في مسألة التوازن الدولي الجديد..
إنّ حل الأزمة السورية الذي بات على الأبواب - بعد إفشال محاولات التدخل المباشر ومحاولات افتعال فالق طائفي والتي ترافقت مع الزج بداعش ومثيلاتها- تفرض على واشنطن الانتقال السريع إلى «الخطة ب»: خطة الفوالق القومية. لماذا؟ لأنّ حل الأزمة السورية بالذات، والتي يتكثف فيها الصراع الدولي بأسره، صراع العالم القديم مع العالم الجديد، يعني إعلان موت العالم الأمريكي القديم.
أما بائعو الأوهام، انفصالاً وتقسيماً، ودفاعاً شكلياً ضد الانفصال والتقسيم، والذين لا يوضحون للناس شيئاً مما يجري حقيقة، إنما ينفخون ناراً أمريكية في الرماد بدعواتهم للسحق والمحق والاستئصال. وهؤلاء، وإن كانت الولايات المتحدة تتقدمهم مباركة دعوات الدم، إلا أنهم لا يقصرون بدورهم أبداً! فموت العالم الأمريكي القديم، يعني موته بأصله وبفروعه، بمركزه وبأطرافه، بما في ذلك المستفيدون نهباً من حالة الحرب والاقتتال.
إنّ الطريق الوحيد لصيانة الدم السوري والوحدة السورية هي طريق الحل السياسي، طريق طرد الأمريكي بعيداً عن بلادنا.. هذه هي أيضاً طريق إحقاق الحقوق للسوريين كلهم، بقومياتهم المختلفة. الطريق ذاتها هي الطريق الأنسب لشعوب المنطقة كلها، فهي الوحيدة التي تفتح الباب أمام تغييرات حقيقية وجدية وجذرية توصل هذه الشعوب إلى حقوقها، وأما الطريق الأمريكي فهو طريق الموت والخراب.
إنّ خلاص شعوب المنطقة بأسرها هو التآخي الحقيقي فيما بينها، وفي وجه الفاشية الأمريكية. وخلاص الشعب السوري هو باتحاده وبإصراره على الحل السياسي الممثل لكل السوريين.. اسألوا أهل الجزيرة السورية، عربهم وكردهم وسريانهم.. وإلخ، ماذا يريدون؟ اسألوا الشعب السوري ماذا يريد؟ احفظوا إجابته جيداً وناضلوا من أجلها، فلن تسمعوها في وسائل الإعلام إلّا لماماً، ولكن المستقبل لن يكون إلا لها وحدها..