من الآخِر.. «العالم يريد نظاماً بديل»!

من الآخِر.. «العالم يريد نظاماً بديل»!

 

لم يعد الحديث عن انعطاف في مسيرة التطور التاريخي العالمي، مقتصراً على باحث هنا أو هناك، أو سياسي ما، أو حزب من الأحزاب. ولم يعد السؤال عن خيارات بديلة لما هو سائد مجرد موقف أيديولوجي يرفض الرأسمالية كبنية اقتصادية اجتماعية. الإحساس والحديث عن حجم التحديات المنتصبة أمام المجتمع البشري بات قاسماً مشتركاً، بين مختلف المدارس التي تعمل في حقل علم الاجتماع السياسي، بما فيها القوى العاقلة في مراكز الأبحاث الغربية..

في كل نشرة أنباء، تفصح الشاشات عن بؤرة توتر جديدة في هذه المنطقة أو تلك من العالم، أو تفجير هنا أو هناك، أو دولة مهددة بالإفلاس، أو تفشي وباء، أو اندلاع حرب جديدة، حتى يخال للمرء أن العالم واقف على كف عفريت..

التناقضات تتعمق، ودرجة ترابط قضايا العالم وصل لحد أنه لا يمكن حل أزمة عالمية حلاً حقيقياً ضمن البنية المهيمنة على القرار الدولي في الاقتصاد والسياسة والعسكرة.
الأزمات، أو الأزمة تدق كل الأبواب. صحيح أنها تتجلى في كل مكان حسب الظرف الملموس، وصحيح أيضاً أن هناك من يستطيع أن يمتص الصدمات حتى الآن. ولكن لا أحد  يستطيع أن يبني سوراً بينه وبين عالم مضطرب، إن لم يكن بالحرب، ففي الاقتصاد، وإن لم يكن في الاقتصاد ففي السياسة.. الكل بات يسأل عن مصيره ومصالحه.


توضح الانقسام الدولي

ما يشهده العالم اليوم، من تبلور قوى دولية تزاحم العربدة الأمريكية والاستفراد الأمريكي بالقرار العالمي، هو البداية الأولى، والتأكيد الأولي على أن الخيار الذي ساد على مدى عقدين من الزمن بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، خيار الإبقاء على رسملة العالم، و أوهام نهاية التاريخ والانتصار النهائي للرأسمالية، قد سقطت جميعها في مزبلة التاريخ. وجاءت الوقائع لتسخر من كل من روّج وسوّق لأمركة العالم، من أشباه مثقفين وأنصاف ساسة، بدلالة أنه لم يجر حل أية أزمة عالمية حلاً حقيقياً، لابل أن الأزمات تفاقمت، كماً ونوعاً، أكثر فأكثر. وإذا كانت مزاحمة القوى الصاعدة حتى الآن تجري ضمن البنية الرأسمالية نفسها، فإن التجربة الملموسة، والتجربة التاريخية، ستفرض على جدول الأعمال نظاماٍ بديلاٍ مختلفاً جذرياً عن ما هو سائد، مختلف من حيث توزيع الثروة على النطاق العالمي وداخل كل بلد، ومختلف في البنية الحقوقية والسياسية، ومختلف في المنظومة الثقافية – الإعلامية.


نظام حرب.. ونظام سلم..

كانت الحرب وما زالت إحدى الخصائص العضوية للرأسمالية، نابعة من طبيعتها. فالحرب، وما تخلفه من دمار، هي المعادل الموضوعي لسعي رأس المال الدائم إلى الربح، الذي يضعه في تناقض موضوعي مع النزعة الإنسانية، بعكس النظام النقيض «الاشتراكي» الذي يعتبر السلام المعادل الموضوعي له، انطلاقاً من موقع الملكية في بنيته، وانطلاقاً من مصلحة من يعبر عنهم هذا النظام. 
إن ولوج البشرية إلى عصر جديد، سيأخذ أشكالاً متعددة، حسب ظروف وخصائص ومستوى تطور كل دولة، وسيأخذ بعين الاعتبار أيضاً التجربة الاشتراكية السابقة، بما فيها الظروف والأخطاء التي واكبت تلك التجربة والتي أدت إلى انهيارها.