ليبرمان: «ترحيل طوعي» لفلسطينيي الـ48!
في الوقت الذي يندفع فيه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يميناً، رافضاً كل نوع من التسوية مع الفلسطينيين، يتحرك وزير خارجيته أفيغدور ليبرمان محاولا عرض تسوية جديدة تستند إلى خطته الأصلية لترحيل فلسطينيي الـ48.
وبرغم أن مشروع ليبرمان الجديد ينطلق أساساً من دواع انتخابية، بعدما ظهر أن إسرائيل تتجه إلى انتخابات مبكرة، فإنه يعبر عن مأزق السياسة اليمينية في إسرائيل، في ظل تدهور أمني وانسداد أفق سياسي ومصاعب اقتصادية.
وفي هذه الأثناء، وضمن التحركات الدولية للخروج من حالة الجمود السياسي الراهنة في العلاقات الإسرائيلية ـــ الفلسطينية، تقترح فرنسا مؤتمراً للسلام، في إطار جدول زمني لإنشاء الدولة الفلسطينية خلال عامين.
ونشرت صحيفة «هآرتس» أن وزارة الخارجية الإسرائيلية تلحظ منذ بضعة أسابيع تحركات لبلورة الإستراتيجية الفرنسية الجديدة، وتشعر بالقلق منها.
وقالت مصادر إسرائيلية إنه برغم عدم نية باريس الاعتراف حالياً بفلسطين كدولة، إلا أن مشروع القرار في البرلمان جزء من إستراتيجيتها.
وتخشى إسرائيل من مشروع القرار في مجلس الأمن الذي تبلوره فرنسا، لأنها ترى أنه أقرب إلى الموقف الفلسطيني. كما أن تأييد باريس للقرار سيجر تأييداً من جانب بريطانيا ودول أخرى، الأمر الذي يحرج الولايات المتحدة التي ستبقى وحدها إلى جانب إسرائيل، وربما تمتنع عن التصويت.
وفي خطوة تتصل باحتمالات تقديم الانتخابات عن موعدها في العام 2017، نشر ليبرمان، أمس، برنامجاً معدلا لحزب «إسرائيل بيتنا»، يتضمن «خطة سلام» تدعو الحكومة الإسرائيلية لتشجيع الترحيل الطوعي لفلسطينيي الـ48 عبر «حوافز اقتصادية».
وتتضمن الخطة بشكل أساسي صياغات عمومية حول الحدود الدائمة بين إسرائيل والدولة الفلسطينية ومكانة المستوطنات ووضع القدس المحتلة. لكن الصياغات المفصلة في الخطة تتعلق أساسا بفلسطينيي 48، حيث يكرر ليبرمان أفكاره بشأن تبادل أراض وسكان، ويدعو إلى تشجيع هجرة الفلسطينيين من داخل الخط الأخضر، خصوصاً من يافا وعكا إلى أراضي الـ67. وحسب رأيه فإن «تسوية كهذه مع الدولة الفلسطينية ستتيح لعرب إسرائيل، غير المتماثلين مع دولة إسرائيل، أن يكونوا جزءا من الدولة الفلسطينية». وفي نظره فإن «خطوة كهذه ستحل أولا مشكلة العرب في المثلث ووادي عارة المجاورين لأراضي السلطة الفلسطينية، ويمكنها أن تجعلهم مواطنين في الدولة الفلسطينية من دون ترك بيوتهم».
وينطلق ليبرمان في خطته «الجديدة» من واقع إدراك أنه برغم عدم تنازله عن حلم أو مبدأ «أرض إسرائيل الكاملة»، إلا أنه يقر بواقع أنه لا مفر من ناحية فعلية من التسوية الإقليمية. وأشار في الخطة إلى أنه «في نهاية المطاف، في الجدال الدائر حول سلامة الشعب مقابل سلامة الأرض، فإن سلامة الشعب تتغلب». لكن ليبرمان يربط السلام مع الفلسطينيين وإنشاء الدولة الفلسطينية بإنجاز اتفاقات مع الدول العربية.
ومن الواضح أن خطة ليبرمان في جوهرها تكرار لمواقف سبق وأعرب عنها في مناسبات سابقة. ومع ذلك فإن قيمتها الحقيقية تتمثل في كونها تأتي هذه الأيام، حيث يتعزز الخط الرافض للتسوية الإقليمية في صفوف اليمين. ولذلك يعتبر البعض في خطة ليبرمان محاولة لكسر الجمود في موقف اليمين الإسرائيلي، أو حتى الانحراف نحو الوسط، وهو أمر يمكن لبعض الجهات الإسرائيلية والدولية التقاطه في مواجهة نتنياهو واندفاعته المحمومة نحو اليمين.
ويوم أمس عرض وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، أمام الجمعية العمومية الفرنسية، خطة سياسية جديدة لتحريك العملية السلمية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. وتشمل الخطة استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يحدد جدولاً زمنياً للتوصل إلى اتفاق سلام، وعقد مؤتمر سلام دولي في باريس لدعم المفاوضات بين الطرفين. وحسب فابيوس، فإنه في حال فشل هذه الخطة، ستعترف فرنسا بفلسطين دولة مستقلة.
وجاء كلام فابيوس في نقاش خاص جرى في البرلمان الفرنسي بشأن دعوة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند للاعتراف بالدولة الفلسطينية. ومعروف أن البرلمان الفرنسي سيصوت الثلاثاء المقبل على هذه الدعوة التي يعتقد أنها ستنال تأييداً واسعاً، برغم إعلان فابيوس أن «السلطة التنفيذية وحدها المخولة بتحديد الوقت المناسب سياسيا» لاتخاذ قرار من هذا النوع.
وكان نتنياهو قد توجه للجمهور الفرنسي مباشرة في مقابلة تلفزيونية، مشدداً على أن تمرير قرار كهذا في البرلمان يعتبر خطأ يضر بفرص تحقيق السلام في المنطقة.
وشدد فابيوس على أن حكومته تعمل على مسودة مشروع قانون سيقدم إلى مجلس الأمن، ويقرر أسساً واضحة لإدارة المفاوضات وإطاراً لحل قضايا الحل النهائي. وأعلن «أننا ملزمون بتغيير الطريق الذي تدار فيه المفاوضات»، ومن «واجب الأسرة الدولية أن ترافق هذه المحادثات». وأوضح أن مدة العامين كإطار زمني هي مدة تبلورت أثناء المناقشات في الأمم المتحدة، وكانت بين المبادئ التي تضمنتها الورقة الفلسطينية المقدمة إلى مجلس الأمن. وأكد وجوب «تعديل مسار المفاوضات، لأننا لا نريد مرة أخرى مفاوضات لا تنتهي».
المصدر: السفير