لم يكن حضور الموت عادياً في ذلك الفجر رغم كل شيء..
كأن هذا الشبح الخرافي الغامض القادم من عوالم الأزلية استجمع كل ما فيه من جلال وهيبة وبطش وسخرية، وتسلل مع عتمة السحر إلى روحنا الراقدة على السرير الأخير، ليقول لنا جميعأ: ها أنا ذا أيها الرفاق! هل تأخرت عليكم؟
كأنه كان مستعجلاً وساهماً.. لأنه كان خاطفاً وخفيفاً ولم يشعر بقدومه الساهرون الحانون على الجسد المتعب؟
وكأنه لم يكن ذاته الجامحة حين عانق العروق الملائكية التي أتعبها النبض بحنو الرئيف المرهف ومضى بها بعيداً؟
ولم تكن صدمتنا حين باغتنا الغياب عادية رغم كل شيء..
كنا نشعر بدنو اللحظة الرمادية، لكننا لم نعط أذناً لهمسات الرحيل..
وكنا نعلم أن غيلان الألم قد أسرفت باجتياح الخلايا، لكننا لم نتهيأ لموكب الدموع..
وكنا نتحاشى التمعن في مقل قلوبنا لئلا تمر الحقيقة، فتضربنا في الصميم..
وأدركنا الحزن..
وحين أشرقت الشمس
آن أوان الوداع..
الوداع يا رفيقنا وصديقنا وأخانا وبقية روحنا..
الوداع يا سهيل.. الوداع يا أبا المجد..
ستبقى حياً في ضمائرنا.. في عقولنا وقلوبنا..
في مسيرتنا – مسيرتك التي لن تتوقف أبداً مهما بلغت المصاعب واشتدت العواصف وعظمت النوائب..
وعهداً منا - نحن رفاقك - أن تظل سيرتك الإنسانية والنضالية نبراسنا الهادي..