يستمر الموت متنقلاً بين السوريين بتعنت أكبر واستباحة أوسع، من خلال موجات العنف والمذابح الجارية، من ريف حلب، إلى المنطقة الشرقية، إلى ريف اللاذقية، إلى ريف دمشق والغوطة المنكوبة، وهي جرائم تسعى من حيث شكلها وطرق تنفيذها إلى حدين، الأدنى منهما محاولة إحداث انعطاف ارتدادي في الموجة الشعبية العامة الراغبة بإطراد في إنهاء الأزمة والوصول إلى حل، والأعلى هو خلق شروخ طائفية وقومية عميقة تكرس الصراع القائم بأكثر أشكاله تدميراً واستنزافاً.
ثمة أطراف متعددة، متباينة على نحو صارخ بالشكل، وليس بالمضمون بالضرورة، تردد وتشيع عبر أدواتها الإعلامية والسياسية، لغاية في أنفسها، أن المؤتمر الدولي الممهد لحل الأزمة السورية، المعروف اصطلاحاً بـ«جنيف2»، لن يبصر النور، وأن تطور الأحداث السورية وحتى الإقليمية، تجاوزه.
غير أن نظرة متأنية لدوافع هذه القوى في ذلك، من جهة، ولمسار تطور الأوضاع الدولية والإقليمية، وحتى السورية، من جهة أخرى، يوحي بعكس ذلك تماماً!
أكد د. قدري جميل أمين حزب الإرادة الشعبية، عضو رئاسة الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير، ونائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية أن قوى الفساد الكبرى في البلاد تلعب على رقعة شطرنج الأزمة السورية باتجاه تبييض صفحة الفاسدين الكبار لتصويرهم كوطنيين وديمقراطيين مدافعين عن مصالح الناس مقابل تشويه صورة الوطنيين وتسويقها كمحافظين ورجعيين، مشيراً إلى ذلك لعبة قديمة وممجوجة.
قدمت الأيام الأخيرة دلالات كبرى باتجاه إقرار غالبية أطراف الأزمة السورية بالحل السياسي وباتجاه اقترابه أكثر من أي وقت مضى، من تصريحات «الجربا» التي «وافق فيها» بإيعاز أمريكي على الحل السياسي دون شروط مسبقة، إلى الإقرار الأوروبي بضرورة هذا الحل وتراجعهم النهائي في ملف «التسليح»، إلى زيارة بندر بن سلطان إلى موسكو والتي حملت ضمناً اعترافاً بتراجع حاد في معسكر القوى المعيقة للحل، وليس انتهاءً بالتصريحات الروسية والأمريكية المتواترة حول اقتراب الحل السياسي والمترافقة مع نشاط دبلوماسي عالي الوتيرة..